كلية الاقتصاد المنزلي
قسم الاقتصاد المنزلي والتربية
بحث عن
المنهج التجريبي
مقدم من
نورا إبراهيم غريب
الفرقة الثانية دكتوراه
تحت إشراف
د/ أحمد جابر بهاء الحجـار
مدرس في قسم الاقتصاد المنزلي والتربية
كلية الاقتصاد المنزلي، جامعة المنوفية.
2010- 2011م
عناصر البحث
1- المقدمة.
2- تعريف المنهج التجريبي
3- طبيعة البحث التجريبي
4- أغراض البحث التجريبي
5- البحث التجريبي التربوي
6- خصائص البحث التجريبي
7- وضع خطة البحث التجريبي
8- المتغيرات في البحث التجريبي
9- طرق ضبط المتغيرات
10- حدود المنهج التجريبي ومشكلاته
11- مميزات المنهج التجريبي
12- عيوب المنهج التجريبي
13- شروط عامه لطرق البحث التجريبي
14- تصميمات البحوث التجريبية
15- خصائص التصميم الجيد
16- أنواع التصميمات التجريبية
17- اعتبارات هامه في البحوث التجريبية
يقوم المنهج التجريبي على استخدام التجربة العلمية في دراسة الظاهرة أو الموضوع، وهذا الاستخدام كطريقة بحثية تمتاز به البحوث ذات الإجراءات السليمة والنتائج الدقيقة، وبالتالي القيمة العلمية العالية، وفي العلوم الطبيعية - كـالفيزياء أو الكيمياء مثلا- تستخدم التجربة العلمية بكفاءة عالية، حيث يمكن التحكم في المتغيرات بدقة، وكذلك السيطرة المحكمة على ظروف إجراء التجربة، كما أن المتغيرات في العلوم الطبيعية تكون مادية متعينة، وبالتالي يمكن عزلها وقياسها بمنتهى الدقة.
أما في العلوم الإنسانية ومن بينها التربية وعلم النفس فإن مجال التجربة ليس المعمل، وإنما البشر، كما أن المتغيرات تتعقد وتتشابك في الظاهرة، كما يصعب عزل المتغيرات وضبطها، بل وقد يتعذر قياسها، وعلى الرغم من هذه الصعوبات فإن المنهج التجريبي يستخدم في البحوث النفسية والتربوية، ويقوم على إجراءات علمية، ويسفر عن نتائج دقيقة، وإن كانت ليست في مستوى إجراءات ونتائج البحوث التجريبية في العلوم الطبيعية، ونظر لأهمية المنهج التجريبي في المجال النفسي والتربوي. فسوف نوضح ماهية هذا المنهج.
تعريف المنهج التجريبي
1. المنهج التجريبي هو: طريقة بحثية تتضمن تغييرا متعمدا ومضبوطا للشروط المحددة لواقعة معينة، مع ملاحظة المتغيرات الناتجة عن ذلك، وتفسير تلك التغيرات، إنه يقوم أساسا على التجربة العلمية التي تكشف عن العلاقات السببية بين المتغيرات المؤثرة في الظاهرة محل البحث، وتستخدم التجربة في اختبار فرض أو أكثر لتقرير العلاقة بين المتغيرات من خلال دراسة المواقف المتقابلة التي ضبطت كل المتغيرات ما عدا المتغير المستهدف معرفة تأثيره.
وفي الدراسة التجريبية يتناول الباحث متغيرا مستقلا واحدا على الأقل ويضبط المتغيرات الأخرى ذات العلاقة بالظاهرة وهذه الفكرة تمثل الخاصية التي تميز البحوث التجريبية والمتغير المستقل يطلق عليه المتغير التجريبي وفى البحث التربوي فإن هذا المتغير يتحكم فيه قد يكون ذلك من خلال طريقة التعلم أو نمط التعزيز أو ترتيب بيئة التعلم أو نوع مادة التعلم ...إلخ.
أما المتغير التابع فهو متغير المحك إنه بمنزلة الأثر الذي يوضح نتائج الدراسة وهو يتغير اعتماداً على التغير في المتغير المستقل وقد يقاس المتغير التابع باختبار أو مقياس من إعداد الباحث ومن أمثلة المتغيرات التابعة التي تتناولها البحوث التربوية الحضور والانتظام الدراسي سرعة الانتباه التحصيل الدراسي ...إلخ إنه باختصار نتاج قابل للقياس وبهذا المعنى فإن الطريقة التجريبية هي طريقة البحث الدقيقة التي يمكن بواسطتها اختبار الفروض المتعلقة بالسبب والنتيجة وبالتالي فهي بمثابة المدخل الأساس لإثراء الدراسات التربوية وفهم العديد من المشكلات في مجال التربية.
2. البحث التجريبي يقوم أساسا علي أسلوب التجربة العلمية التي تكشف عن العلاقات السببية بين المتغيرات المختلفة التي تتفاعل مع الديناميات أ و القوي التي تحدث في الموقف التجريبي
3. البحث التجريبي يتضمن محاولة لضبط كل العوامل الأساسية المؤثرة في المتغير أو المتغيرات التابعة في التجربة ماعدا عاملا واحدا يتحكم فيه الباحث ويغيره علي نحو معين بقصد تحديد وقياس تأثيره علي المتغير أو المتغيرات التابعة .
وتحتوي هذه التعريفات علي قدر من التشابه ولو أنها تختلف في النواحي التي تركز عليها أو تشير إليها في البحث التجريبي غير أن دراستها معا قد تساعد علي الإلمام المركز بأبعاد البحث التجريبي وأهم خصائصه .
طبيعة البحث التجريبي
لا يقتصر البحث التجريبي على مجرد إجراء الاختبارات لتحديد أسباب الظاهرة بل يتعدى ذلك إلى تنفيذ الإجراءات الأخرى بعناية وتصبح عملية الاختبار التجريبي دون هذه الإجراءات شيئا لا قيمة له وربما تعطى الخطوات التالية صورة أكثر شمولا للعمل الذي يجب على الباحث أن يقوم به في الدراسة التجريبية :
1. التعرف على المشكلة وتحديدها.
2. صياغة الفروض واستنباط ما يترتب عليها.
3. وضع تصميم تجريبي يتضمن جميع النتائج وشروطها وعلاقتها.
وقد تستلزم هذه الخطوة الآتي :
أ- اختيار عينة من المفحوصين لتمثل مجتمعا معينا.
ب- تصنيف المفحوصين في مجموعات أو المزاوجة بينهم لضمان التجانس.
ج- التعرف على العوامل غير التجريبية وضبطها.
د- اختيار أو تصميم الوسائل اللازمة لقياس نتائج التجربة والتأكد من صدقها.
ﻫ - إجراء اختبارات استطلاعية لاستكمال نواحي القصور في الوسائل أو التصميم التجريبي.
و- تحديد مكان إجراء التجربة ووقت إجرائها والمدة التي تستغرقها.
4.إجراء التجربة.
5.تنظيم البيانات الخام واختصارها بطريقة تؤدى إلى أفضل تقدير غير متحيز للأثر الذي يفترض وجوده.
6.تطبيق اختبار دلالة مناسب لتحديد مدى الثقة في نتائج الدراسة.
أغراض البحث التجريبي
يقصد بمصطلح تجريبي تغيير شيء ما وملاحظة أثر هذا التغيير على شيء آخر أي أن التجريب إدخال تعديلات أو تغيرات معينة من أجل ملاحظة أثرها على شيء آخر والغرض النهائي من التجربة هو التعلم أي تعلم نتيجة أو اثر التغير الذي نحدثه ونحن كبشر دائمي الاستخدام للتجارب لنتعلم فالأطفال الصغار مثلا يجرون تجارب متعددة مستخدمين أساليب متنوعة في تعاملهم مع والديهم ليعلموا أكثر الأساليب تأثيراً عليهم.
ويستخدم المدرسون التجربة أيضا ليروا أكثر أساليب الضبط فاعلية في الفصل ويجرب الطلبة أساليب مختلفة للاستذكار لاتباع أفضلها لتحصيل درجات أعلى. وتعتمد هذه التجارب على أسلوب المحاولة والخطأ إلا أنها تهدف كلها إلى معرفة سبب حدوث شيء والفرق بين التجارب السابق ذكرها والبحوث التجريبية العلمية هي الدرجة التي يتأكد بها الباحث أن الظروف المتغيرة هي التي أحدثت الأثر الملحوظ وتفسير السبب هي إذن العنصر الأساس في البحث التجريبي ومن وجهة نظر البحث العلمي فإن التجربة هي إجراء يهدف إلى التحقق من علاقات العلة والمعلول وذلك بتقسيم عدد من الأفراد عشوائيا في مجموعات يعالج فيها متغير مستقل أو أكثر والعنصر الأساس في البحث التجريبي هو أن الباحث يضع عن قصد الظروف التي تتعرض فيها مجموعات مختلفة لخبرات مختلفة.
البحث التجريبي التربوي.
تجري البحوث التجريبية عادة علي التلاميذ في المدارس ومن الطبيعي أن الباحث سوف يواجه بعدد كبير من المتغيرات المؤثرة في التجربة ومن أمثلة هذه المتغيرات أعمار التلاميذ والتحصيل الدراسي والذكاء والعمر العقلي والاستعدادات العقلية الخاصة والانتباه والدافعية والاتجاهات والميول والاتزان الانفعالي لدي التلاميذ ومنها أيضا المستويات الاجتماعية الاقتصادية للتلاميذ ومستويات التأهيل والكفاية المهنية للمدرسين واختلاف الظروف الفيزيقية للمدارس من حيث إمكانياتها وخصائص مبانيها ولما كان تنظيم المدارس وتوزيع الطلاب في الفصول له طبيعة وخصائص معينة لا تتيح للباحث عادة أن يحصل علي مجموعات تجريبية وضابطة متكافئة في المتغيرات التي قد تؤثر في العلاقة التي يحددها فرضه بين المتغير المستقل والمتغير التابع .
بمعني أنه قد يصعب عليه أن يجد فصلا بأكمله متجانسا في الذكاء ويكافئ فصلا آخر في هذا المتغير وحتى لو تحقق هذا بالنسبة لمتغيرات أخري مثل المستوي الاجتماعي –الاقتصادي وغيرها من المتغيرات التي قد تتطلب إعادة توزيع التلاميذ أو تغيير المناهج أو تعديل سلوك المدرسين .
ولذلك يجري الباحث التجارب علي التلاميذ دون تغيير أو تعديل في تنظيم توزيعهم عادة ولكن من ناحية آخري يستخدم مجموعة من المقاييس الدقيقة للحصول علي بيانات عن مثل هذه المتغيرات السابقة ويستخدم نتائج هذه المقاييس بعد تطبيقها علي التلاميذ في تحديد مجموعات تجريبية وآخري ضابطة تتكافأ فيما بينها بالنسبة للمتغيرات المراد ضبطها في التجربة ، مجموعات تجريبية –وآخري ضابطة علي أن يتم التحديد للتجريب أو الضبط علي أساس عشوائي
ومن المشكلات التي ما زالت تواجه البحوث التجريبية التربوية صعوبة الحصول علي المقاييس أو الاختبارات التي تقيس بدقة المتغيرات السلوكية وما يطرأ علي شخصيات التلاميذ من نمو وعلي سلوكهم من تغير وقد يكون من السهل علي الباحث أن يقيس اكتساب التلاميذ للمعلومات والمفاهيم عن طريق اختبارات لفظة قرطاسية غير أنه قد يصعب عليه أن يقيس التغيرات في اتجاهاتهم وقيمهم وتفكيرهم عن طريق مثل هذه الاختبارات ومع ذلك فان البحوث التربوية التجريبية تسمح باستخدام هذه الاختبارات لقياس المتغيرات متى توافرت لها خصائص وشروط معينة من أهمها درجة عالية من الصدق والثبات والموضوعية
وما لم يتحقق الباحث من استيفاء أدوات بحث لهذه الخصائص فإن النتائج التي سوف يحصل عليها في التجربة يبنى عليها تفسيراته وتعميماته معرضة للخطأ وتكون النتائج ذات قيمة مشكوك فيها ولا يعتمد عليها .
ومن ناحية أخرى فهناك في البحوث التجريبية التربوية متغيرات مؤثرة يصعب التحكم فيها، وضبطها ضبطا كافيا، ولذلك يلجأ الباحث عادة إلى افتراض أنها ذات تأثير محدود أو أنها غير ذات صلة بالموضوع.
خصائص البحث التجريبي
هناك ست خصائص يتميز بها البحث التجريبي هي :
1.التكافؤ الإحصائي بين أفراد المجموعات المختلفة وعادة ما يتم ذلك بالتعين العشوائي للأفراد
2.مقارنة مجموعتين أو أكثر من الأفراد
3.المعالجة المباشرة لمتغير مستقل واحد على الأقل
4.قياس كل متغير تابع
5.استخدام الإحصاء الاستدلالي
6.تصميم يوفر أقصى ضبط ممكن للمتغيرات الخارجية(المتغيرات الدخيلة)
والبحث الذي تتوفر فيه كل الخصائص السابقة بحث تجريبي خالص يمكننا من الوصول إلى العلاقات السببية بين المتغيرات عند تفسير النتائج .
ولتوضيحهما بشيء من التفصيل :
1. التكافؤ الإحصائي بين أفراد المجموعات: توفير التكافؤ الإحصائي بين مجموعات البحث أمر ضروري لتصميم البحث حتى يمكن تفسير النتائج في ضوء التجربة دون تدخل أي عامل خارجي بمعنى آخر فإن الباحث يسعى إلى أن تكون مجموعات بحثه متكافئة حتى لا تكون الفروق في أداء أفرادها راجعة إلى الفروق بين المجموعات في متغيرات أخرى غير المتغيرات التي يدرس تأثيرها . ويمكن تحقيق التكافؤ الإحصائي بين المجموعات عن طريق التعيين العشوائي وهنك طرق أخرى يمكن استخدامها مثل التطابق في الخصائص بين الأفراد أو المجموعات أو استخدام الأفراد لضبط أنفسهم.
2. مقارنة مجموعتين أو أكثر: لا يمكن لإجراء تجربة بمجموعة واحده في ظرف واحد في نفس الوقت فإذا كان قصد التجربة هو مقارنة أثر ظرف معين على مجموعة بأثر ظرف أخر على مجموعة أخرى أو مقارنة أثر ظرفين مختلفين أو أكثر على مجموعة واحدة، فلا بد أن يكون هناك مجموعتان أو حالتان على الأقل لإجراء مثل هذه المقارنات .
3. معالجة المجموعات المستقلة : هذه الخاصية من أهم الخواص التي تميز البحوث التجريبية ويقصد بالمعالجة أن يقوم الباحث بتحديد قيم المتغير المستقل وإذا لم يمكن تحديد هذه القيم أو الحالات أو المستويات لا تعد اعتبار الدراسة تجربة حقيقية .لنفرض أن باحثاً أراد أن يتحقق من أثر ترتيب أسئلة الاختبار فى الدرجات التي يحصل عليها الطلبة في الاختبار فيكون لديه في هذه الحالة متغير واحد مستقل هو ترتيب أسئلة الاختبار. وتكون المعالجة بتحديد ترتيب الأسئلة، فيحدها بطريقتين مثلا: الطريقة الأولى: ترتيب الأسئلة من الأسهل إلى الأصعب. الطريقة الثانية: ترتيب الأسئلة من الأصعب إلى الأسهل. وتمثل هاتان الطريقتان الظروف التي يعالجها الباحث، ثم يقسم الباحث الفصل إلى مجموعتين تقسيما عشوائيا، ويعطى المجموعة الأولى الاختبار وفيه أسئلة مرتبة بإحدى الطريقتين، ويعطي المجموعة الثانية نفس الاختبار وفيه الأسئلة مرتبة بالطريقة الثانية. ويلاحظ هنا أن هناك متغيرات كثيرة في التربية وعلم النفس لا يمكن معالجتها مثل السن والجنس والحالة الاجتماعية والاقتصادية، ويطلق على هذه المتغيرات كما سبق أن ذكرنا متغيرات تصنيفية؛ لأنه لا يمكن تناولها بالتعديل أو التغيير كما يحدث مع المتغيرات المستقلة، ويمكن تضمين المتغيرات التصنيفية في البحوث التجريبية إلا أنه يجب أن يكون هناك متغير واحد مستقل على الأقل يتم معالجته.
4. قياس المتغير التابع: يهتم البحث التجريبي بقياس المتغير التابع أي بإعطائه قيما رقمية، وإذا لم يكن من الممكن قياس نتيجة التجربة بطريقة ما فإن البحث لا يكون تجريبيا، وهذا يميز الطريقة التجريبية عن الطريقة الوصفية والبحوث التحليلية التي توصف فيها المتغيرات المحكية (التابعة) وصفا قصصيا وليس كميا.
5. استخدام الإحصاء الاستدلالي: وهذه خاصية أخرى تستخدم الأرقام، وترجع أهمية الإحصاء الاستدلالي إلى أنه يمكننا من وضع عبارات احتمالية عن النتائج، وهذا مهم لسببين. أولهما: أن القياس ليس تاما فأخطاء القياس أمور لا يمكن تجنبها. وثانيهما: أننا عادة نريد تعميم النتائج على مجموعات متشابهة أو على المجتمع، والإحصاء الاستدلالي يمكننا من عمل هذه التعميمات.
6. ضبط المتغيرات الخارجية (الدخيلة): هذه الخاصية هي أهم خواص البحث التجريبي، وقد سبق الكلام على أهمية ضبط المتغيرات الخارجية بشيء من التفصيل. وبينا أهمية ذلك في تفسير النتائج، ورغم أن ضبط المتغيرات الخارجية ليس قاصرا على البحوث التجريبية إلا أنه في البحوث التجريبية يكون هناك جهد مقصود في استبعاد أثر المتغيرات الخارجية التي يمكن ضبطها حتى لا تؤثر في نتائج البحث، ونقوم بضبط هذه المتغيرات إما بالتأكد من أنها لا تؤثر على المتغير التابع أو يجعل أثرها واحدا على كل المجموعات.
وضع خطة البحث التجريبي:
رغم أن تتابع خطوات البحث التجريبي هي نفسها في أنواع البحوث الأخرى، إلا أن التصميم التجريبي ينفرد بإجراءات وخصائص معينة يجدب أخذها في الاعتبار وهي:
أولاً: بعد تحديد المشكلة ومراجعة البحوث السابقة لا بد من وضع فروض واضحة للبحث تحدد النتائج المتوقعة، ومن غير المناسب استخدام أسئلة البحث التي تتصف بأنها لا تشير إلى النتائج بشكل محدد.
ثانياً: يختار الباحث العينة من مجتمع محدد، ويوزع العينة في مجموعات مختلفة، ويتوقف ذلك على التصميم التجريبي الخاص بالبحث، ويلاحظ عند توزيع المجموعات المختلفة أن يكون هذا التوزيع (التعيين) عشوائيا، والعشوائية متطلب ضروري في البحوث التجريبية.
ثالثاً: تتضمن الدراسة التجريبية البسيطة مجموعتين: المجموعة التجريبية (مجموعة المعالجة) والمجموعة الضابطة (المقارنة).ويقدم لكل مجموعة مستوى من مستويات المتغير المستقل، والمجموعة الضابطة أو المقارنة أمر ضروري في البحوث التجريبية، ومن الناحية الفنية فإن المجموعة الضابطة لا تتضمن أي معالجة على الإطلاق (مثال ذلك عند مقارنة المدخنين بغير المدخنين فتجرى المعالجة التجريبية على المدخنين، بينما لا توجه أي معالجة لمجموعة غير المدخنين)، ولكن في البحوث التربوية فإنه من غير المفيد مقارنة مجموعة تتلقى معالجة معينة بمجموعة أخرى لا تتلقى أي شيء؛ لأن هذا الأمر أشبه بتقديم دروس خصوصية لمجموعة من الأطفال، ومقارنة تحصيلهم بمجموعة أخرى لم تتلق دروسا خصوصية، ثم استخلاص أن المجموعة التي تلقت الدروس الخصوصية هي الأفضل، وهذا الاستخلاص ليس علمياً؛ لأن من غير المتوقع في المواقف المدرسية ألا تفعل المجموعة الضابطة أي شيء بينما تتلقى المجموعة التجريبية معالجة خاصة، ولهذا السبب فمن الأفضل أن تكون إحدى المجموعتين في البحث التربوي مجموعة معالجة، والأخرى مجموعة مقارنة، بعبارة أخرى مجموعة تتلقى الطريقة (أ)،ومجموعة أخرى تتلقى الطريقة (ب)، وهو ما يتلقاه التلاميذ في المدرسة بشكل طبيعي، وهذا أفضل من استخدام مجموعة تجريبية وأخرى ضابطة.
رابعاً: يحدد توزيع المعالجات على المجموعات مستويات المتغير المستقل، وفي هذه الحالة يختار الباحث القيمة أو الشكل أو الظروف التي تتلقاها كل مجموعة، وقد تكون هذه المعالجات بسيطة مثل طريقة المحاضرة في مقابل طريقة المناقشة، أو القيادة الفردية في مقابل القيادة الجمعية، وقد يكون هناك أكثر من مستويين مع ظروف متغيرة لكل مجموعة، مما يؤدي إلى تعدد المعالجات. ويوضح الشكل التالي تخطيطا للتصميم التجريبي الحقيقي، ويلاحظ أن هذا الشكل يمثل التصميم التجريبي الحقيقي الأساس، وهو تصميم بسيط، الغرض منه توضيح خطوات البحث التجريبي، وهناك تصميمات أخرى نابعة من هذا التصميم، وتبنى عليه.
اختيـــــــــــــار عينـــــــة عشوائيـــــــــــــــــا
التعييـــــــــن العشـــوائي للمجموعـــــــــــــات
الاختبـــــــار القبلي الاختبـــــــار القبلي
معالجة المتغير المستقل ظـــروف الضبــــط
الاختبــــار البعدي الاختبـــــار البعدي
مقارنة نتائــج المجمــوعتين التجريبيـــة والضابطـــة
(التصميم التجريبي الحقيقي)
المتغيرات في البحث التجريبي
تتحدد مجالات المتغيرات في البحوث التجريبية هي :
1.المفحوصين (أفراد التجربة)
2.إجراءات التجربة
3.المتغيرات الخارجية. وذلك على النحو التالي:
ا. المتغيرات الخاصة بالمفحوصين : وهي تتمثل في الخصائص الموجودة في الأفراد الذين تجرى عليهم الدراسة كالجنس والعمر والمستوى التعليمي وغير ذلك من الخصائص ومن الطبيعي أن يتم اختيار أفراد المجموعة التجريبية والضابطة من مجتمع واحد بحيث تتشابهان أو تتماثلان في جميع المتغيرات التي تؤثر في المتغير التابع.
وقد تتم المقارنة بين مجموعتين أو أكثر يتماثل أفرادها في المستوى التعليمي ويختلفون في المرحلة العمرية لدراسة تأثير العمر على الميول المهنية وهنا يتعين على الباحث ضبط المتغيرات الأخرى التي يحتمل أن تؤثر على الميول المهنية بحيث يأتي جميع أفراد المجموعتين متماثلين أو متشابهين في تلك المتغيرات مع اختلافهم في متغير العمر .
وقد يستخدم الباحث الأسلوب الإحصائي في ضبط المتغيرات كمستوى التحصيل مثلا بحيث لا تكون الفروق بين المجموعتين ذات دلالة إحصائية وإذا تبين للباحث وجود مثل هذه الفروق فإن عليه أن يعدل اختيار بعض الأفراد في المجموعتين بحيث يتأكد من عدم وجود فروق جوهرية بينهما في المستوى التحصيلي باعتباره يؤثر في ميولهم المهنية.
2.المتغيرات الخاصة إجراءات التجربة : إن الغرض الأساس للتجربة هو أن نتبين أثر المتغير التجريبي على المتغير التابع .ومن المسلم به أن المتغير التجريبي يجب أن يتم تحديده بدقة حيث تتوفر فيه درجة كافيه القوة والتأثير بما ينتج عنه تغيرات معينه في المتغير التابع يمكن ملاحظتها وقياسها بحيث يمكن تحديد المتغير التجريبي من خلال مسالك عديدة مثل نتائج البحوث السابقة الدراسة الاستطلاعية الحقائق العلمية من جهة أخرى فإن تناول المتغير التجريبي واستخدامه يجب أن يكون بطريقة موحده في المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة على سبيل المثال إذا كان المتغير التجريبي يتمثل في وسيلة تعليمية معينة فإن هذه الوسيلة نفسها يجب أن تستخدم في المجموعة التجريبية وبطريقة واحدة في المجموعة الضابطة إن ضبط المتغيرات الخاصة بالعامل التجريبي وإجراءات التجربة يضمن صحة النتيجة التي يتوصل إليها البحث التجريبي والمتعلقة بأن التغير في المتغير التابع راجع إلى تأثير المتغير المستقل وحده وليس إلى عودة أسباب أخرى .
وفى البحث التجريبي التربوي تتعدد المتغيرات المؤثرة في التجربة ففي الدراسة التجريبية التي تجرى على تلاميذ المدارس هناك العديد من المتغيرات مثل أعداد التلاميذ ،التحصيل الدراسي، الذكاء، العمر العقلي، الاستعدادات العقلية ، الانتباه ، الدافعية ،الاتجاهات الميول، الاتزان الانفعالي ،المستويات الاقتصادية الاجتماعية للتلاميذ ،مستويات التأهيل والكفاية المهنية للمدرسين ،الخصائص الفيزيقية للمباني المدرسية .....إلخ.
3.المتغيرات الخارجية: وهذه المتغيرات يمكن أن يكون لها تأثير في أثر العامل التجريبي
ومن أمثلة تلك المتغيرات :
o الاختلاط بين أفراد المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة حيث يترتب عليه استفادة المبحوثين في المجموعة الضابطة من المبحوثين في المجموعة التجريبية من خبرات معينة بما يؤثر في أدائهم في أثناء القياس البعدي.
o الوقت المخصص لإجراء التجربة على المجموعتين، وكذلك الظروف أو الخصائص الفيزيقية المحيطة بهذا الإجراء والكيفية التي يتم بها – يجب أن يكون متماثلا في حالة المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة بحيث لا تكون في صالح إحدى المجموعات دون الأخرى.
إن تعدد وتشابك المتغيرات المؤثرة في الموضوعات التربوية بجانب تنظيم المدارس وتوزيع التلاميذ في الفصول – يجعل من الصعب على الباحثين التربويين الحصول على مجموعات تجريبية ومجموعات ضابطة متكافئة في المتغيرات التي تؤثر في العلاقة بين المتغير التابع والمتغير المستقل. فالباحث التربوي مثلا قد يصعب عليه أن يجد فصلا متجانسا مع فصل آخر في هذا المتغير، وحتى لو تحقق ذلك بالنسبة للذكاء فقد يتعذر تحقيقه بالنسبة لمتغيرات أخرى مثل: الدافعية، والمستوى الاقتصادي – الاجتماعي، وغير ذلك من المتغيرات، لكن ذلك لم يحل دون تنفيذ البحوث التجريبية ذات القيمة العلمية العالية في المجال التربوي سواء من خلال التعامل مع المتغيرات المستقلة كما هي في الواقع، أو من خلال استخدام المقاييس وإجراء الضبط الإحصائي والمنهجي بحيث يمكن تحديد مجموعات تجريبية وأخرى ضابطة بما يسمح بإجراء البحث التجريبي. كما أن بعض المتغيرات التي يصعب ضبطها أو التحكم فيها تكون أحيانا ذات تأثير محدود في الظاهرة محل البحث، وبالتالي لا يكون تناولها أمرا جوهريا في الدراسة، ويلجأ الباحثون التربويون إلى التقدير المسبق لقيمة تأثير المتغيرات إما من خلال البحوث السابقة والتراكم المعرفي أو من خلال الدراسات الاستطلاعية المحدودة.
طرق ضبط المتغيرات في البحث التجريبي:
هناك مجموعة من الطرق لضبط المتغيرات، وتتلخص هذه الطريقة في الطريقة الإحصائية، والطريقة الفيزيقية، والطريقة الانتقائية.
أ- طرق الضبط الإحصائي: وتستخدم هذه الطرق عندما تتداخل المتغيرات وترتبط ببعضها البعض بما يتعذر معه الضبط الانتقائي، ومثل هذا التداخل أو الارتباط يمكن ضبطه بواسطة طرق إحصائية معينة مثل معامل الارتباط الجزئي، وتحليل التباين، فمعامل الارتباط الجزئي مثلا يمكنه عزل جزء من العوامل المؤثرة في الارتباط الكلي بين المتغيرين أو الاختبارين، كأن يتم بحث الارتباط بين الذكاء والتحصيل الدراسي بعد تثبيت متغير السن، ثم بعد تثبيت متغير الظروف الأسرية.. وهكذا نستطيع أن نعزل المتغيرات المختلفة واحدا تلو الآخر، ومعرفة أثر هذا العزل على القيم العددية لمعاملات الارتباط.
ب- الطرق الفيزيقية: استخدمت هذه الطرق كثيرا في البحوث النفسية منذ بدايات تطبيق المنهج التجريبي خصوصا في التجارب التي كانت تجرى على الحيوانات، كاستخدام التيار الكهربائي متفاوت الشدة في تجارب التعلم الشرطي، وكذلك استخدام الوسائل الجراحية والعقاقير ..إلخ، وفي المجال التربوي والنفسي تستخدم الطرق الفيزيقية من خلال وسائل ميكانيكية مثل: توفير خصائص معينة للمكان الذي تجرى فيه التجربة من حيث: الإضاءة، أو التهوية، أو عزل الصوت الخارجي، وكذلك استخدام أدوات ميكانيكية في دراسة سرعة قراءة الكلمات، وإدراك الصور، واستخدام المتاهات في دراسة التعلم، ويطلق على الطريقة (عزل المتغيرات) أي: عزل المؤثرات التي تؤثر في المتغير المراد دراسته، ففي تجارب الإدراك الحسي مثلا والتي تتطلب التمييز باللمس، يمكن للباحث أن يعزل المتغيرات المرتبطة بالمثيرات البصرية بأن يعصب عيون الأفراد المشاركين في التجربة.
ج- الطرق الانتقائية: ويقصد بهذه الطرق (انتقاء) أفراد المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة وفق أسس معينة بحيث تتماثل المجموعتان في المتغيرات التي تؤثر في الظاهرة من ذلك مثلا انتقاء هؤلاء الأفراد بحيث يكونون متساويين أو متقاربين جدا في المستوى التحصيلي (حسبما تدل على ذلك العلامات التي حصلوا عليها)، وكذلك في العمر (حسبما تدل على ذلك تواريخ ميلادهم)، وأيضا في صف دراسي واحداً – وذلك واقع السجلات المدرسية ..إلخ. وإمعاناَ في الدقة الانتقائية قد يلجأ الباحث إلى تسجيل أسماء الأفراد المتشابهين في قوائم بعضها يختص بالمجموعة التجريبية والبعض الآخر يختص بالمجموعة الضابطة ومن هذه القوائم يتم السحب العشوائي للمفردات فقوائم الأسماء تتخذ هنا كإطار للمعاينة.
وبموجب الطرق الانتقائية تتم عملية (تثبيت المتغيرات)بمعنى أن تكون خصائص المجموعة الضابطة متماثلة أو متشابهة مع خصائص المجموعة التجريبية حتى يكون تأثيرها في المتغير التابع واحد في المجموعتين فمتغيرات كالسن والذكاء مثلا يتعذر عزلها في ارتباطها بمتغير تابع كالتحصيل الدراسي ومن هنا يلجأ الباحث إلى( تثبيت ) تأثير هذين المتغيرين من خلال اختيار أفراد المجموعة التجريبية وأفراد المجموعة الضابطة بحيث يكونون في عمر زمني واحد وعمر عقلي واحد كأن يكون للمجموعتين نفس المتوسطات والانحرافات المعيارية في السن والعمر العقلي .
العملية التجريبية :
من المعروف أن خطوات الدراسة التجريبية واحدة في الأساس كما هو الحال في الدراسات الأخرى من حيث اختيار المشكلة وتحديدها واختيار المفحوصين وأدوات القياس واختيار التصميم وتنفيذ الإجراءات وتحليل البيانات وصياغة النتائج.
أما العملية التجريبية ذاتها فإنها تبدأ عادة بالفروض (وليكن فرضا واحدا على الأقل، يتضمن علاقة متوقعة بين متغيرين بحيث يتم إجراء العملية البحثية في اتجاه التحقق من هذا الفرض سواء بالإثبات أو النفي).
وتقوم هذه العملية في جوهرها على قانون المتغير المنفرد وتتلخص في صورتها المبسطة في استخدام مجموعتين من الأفراد بحيث تتشابه المجموعتان في جميع الظروف تقريبا ما عدا ظرفا أو متغيرا واحدا ويكون وجود أو غياب هذا المتغير يمثل المتغير المستقل والمجموعة التي يستخدم معها هذا المتغير تسمى المجموعة التجريبية (لاحظ أن الاستخدام هنا قد يكون بإضافة المتغير وقد يكون بحذفه)، أما المجموعة التي لا يستخدم معها المتغير فتسمى المجموعة الضابطة. وعلى افتراض التكافؤ بين المجموعتين وبعد إعمال المتغير المستقل إضافة أو حذفا فإن الاختلاف أو التغير النتائج يكون من أثر هذا الإعمال.
مثال: افترض أنك تريد معرفة ما إذا كان أثر التدريب مع معرفة النتائج أكثر فاعلية في تحسين الأداء مقارنة بالتدريب دون معرفة النتائج، إن معرفة النتائج تمثل المتغير المستقل، والأداء يمثل المتغير التابع، والمجموعة التي يستخدم معها التدريب مع معرفة النتائج تسمى بالمجموعة التجريبية.أما المجموعة التي يستخدم معها التدريب دون معرفة النتائج فتسمى بالمجموعة الضابطة.
بطبيعة الحال فإن الباحث لكي يتوصل إلى أثر المتغير التجريبي على المتغير التابع فلا بد أن يضبط جميع المتغيرات المؤثرة في العلاقة بين المتغيرين ويتمثل الضبط بمثالنا هذا في أن تكون المجموعتان متماثلتين في جميع الخصائص والعوامل التي تؤثر في الأداء وأن تختلفان فقط في المتغير المستقل: معرفة النتائج وعدم معرفة النتائج.
حدود المنهج التجريبي:
على الرغم من أن المنهج التجريبي يمثل أكثر طرق البحث من حيث كثرة المتطلبات والإجراءات البحثية إلا أنه كثيرا ما يكون أشد هذه الطرق صرامة ودقة. وحين يتم تخطيط وتنفيذ البحوث التجريبية وفق الأصول العلمية فإنها تسفر عن نتائج دقيقة بشأن علاقة السبب والنتيجة ، بل إن نتائج البحث التجريبي قد تمكن من تحقيق تنبوءات أكثر شمولية أضف إلى ذلك أن المنهج التجريبي هو أقوى مناهج البحث في اختيار العلاقات السببية بما يمكن من الوصول إلى تفسيرات مقنعة للظواهر.
لكننا في الوقت نفسه نجد أن هناك مجموعة من المشكلات التي تواجه البحوث التجريبية بوجه عام، وتتلخص هذه المشكلات في الآتي:
1. إن شعور المفحوصين بأنهم في موقف تجريبي يجعلهم يتصرفون بأسلوب غير تلقائي أي بأسلوب يختلف عن سلوكهم في المواقف الطبيعية وبالتالي فإن النتائج قد تكون مضلله فالطلاب في موقف تجريبي يقيس أثر العوامل الفيزيقية للفصل على مستوى التحصيل قد يكونون أشد أو أقل انتباها عما لو كانوا في موقف طبيعي.
2. إن المنهج التجريبي يتطلب التوزيع العشوائي للمفحوصين على مجموعتين أو مجموعات المعالجة الأمر الذي قد يصبح معه بعض المفحوصين موجوداً أو يعمل مع مفحوصين آخرين لا ينسجم معهم وهذا قد يؤثر على النتائج.
3. إن الأجهزة والأدوات والمواد التي تستخدم في الموقف التجريبي قد تؤدي بالمفحوصين إلى الاعتقاد بأن عليهم أن يسلكوا على نحو معين وبالتالي فهملا يسلكون بنفس الطريقة التي يسلكونها وهم في الظروف الطبيعية.
4. التوقعات المسبقة من جانب الباحث قد تؤثر في نتائج التجربة فبعض الباحثين يكون لديهم الإصرار الشديد على صحة الفرض وقد يلجأ ولو عن غير قصد إلى تهيئة الشروط التي تدعم ذلك، حتى ولو تجاوزت تلك التهيئة ما هو كائن في الظروف الطبيعية ويذهب البعض إلى أن ذلك يفسر كثرة البحوث العربية التي تتوصل إلى نتائج تثبت صحة الفروض بل إن كثيرا من الباحثين يشعر بالضيق حين يتوصل إلى نتائج تثبت عدم صحة الفروض التي وضعها وهذا خطأ فادح في طبيعة فهم البحث العلمي الذي يسعى إلى التحقق من فروض قابلة لأن تكون صحيحة أو خاطئة بناء على نتائج موضوعية وليس بناء على رغبة الباحث أو هواه.
5. والبحوث التجريبية التربوية تواجه أحيانا بصعوبة الحصول على بعض المقاييس والاختبارات التي تناسب الظاهرة أو الموضوع محل البحث، ولكن مما يقلل من تلك الصعوبة الاستمرار في تعريب المقاييس الأجنبية بالإضافة إلى بناء مقاييس وتقنينها من حيث الصدق والثبات في بيئات وعلى عينات مختلفة الأمر الذي أسهم في دعم مقومات البحوث التجريبية في المجال التربوي.
مميزات المنهج التجريبي :
1. بواسطة هذا المنهج يمكن الجزم بمعرفة أثر السبب على النتيجة لا عن طريق الاستنتاج كما هو بالبحث السببي المقارن .
2. هو المنهج الوحيد الذي يتم فيه ضبط المتغيرات الخارجية ذات الأثر على المتغير التابع.
3. أن تعدد تصميمات هذا المنهج جعله مرن يمكن تكيفه إلى حد كبير إلى حالات كثيرة ومتنوعة.
عيوب المنهج التجريبي:
1. يجرى التجريب في العادة على عينة محدودة من الأفراد وبذلك يصعب تعميم نتائج التجربة إلا إذا كانت العينة ممثلة للمجتمع الأصلي تمثيلاً دقيقاً .
2. التجربة لا تزود الباحث بمعلومات جديدة إنما يثبت بواسطتها معلومات معينة ويتأكد من علاقات معينة.
3. دقة النتائج تعتمد على الأدوات التي يستخدمها الباحث كذلك تتأثر دقة النتائج بمقدار دقة ضبط الباحث للعوامل المؤثرة علماً بصعوبة ضبط العوامل المؤثرة خاصة في مجال الدراسات الإنسانية
4. تتم التجارب في معظمها في ظروف صناعية بعيدة عن الظروف الطبيعية ولا شك أن الأفراد الذين يشعرون بأنهم يخضعون للتجربة قد يميلون إلى تعديل بعض استجاباتهم لهذه التجربة
5. يواجه استخدام التجريب في دراسة الظواهر الإنسانية صعوبات أخلاقية وفنية وإدارية متعددة
6. إن شيوع واستخدام أسلوب تحليل النظم وانتشار مفهوم النظرة النظامية وجهت اهتمام الباحثين إلى أن العوامل والمتغيرات لا تؤثر على الظاهرة على انفراد بل تتفاعل هذه العوامل والمتغيرات وتترابط في علاقات شبكية بحيث يصعب عزل أثر عامل معين على انفراد .
شروط عامه لطرق البحث التجريبي:
هناك عدة شروط يجب توافرها في طرق البحث التجريبي لتكون تجربة أولا ولتتمكن
من الوصول لنتائجها العلمية المرجوة ثانيا تتمثل هذه الشروط في خمس أساسية هي :
1. تطوير خطط دقيقة للتجريب: تتم الخطط الدقيقة هنا بتحديد الأغراض التي سيخدمها التجريب وطرق ومجموعات أو وحدات التجريب والإجراءات المتبعة في اختيارها وتحضير وتنفيذ المعالجات التجريبية المطلوبة وملاحظتها ثم تحليل البيانات المتجمعة بالأساليب المناسبة لأغراض التجريب وطبيعة نتائجه المطلوبة.
2. تخصيص مسؤوليات ومجالات التجريب: يشمل هذا التخصيص تحديد الأسئلة أو الفرضيات التي ستتم الإجابة عليها بطرق البحث التجريبي وذلك من حيث عددها والإجابة المطلوبة في كل منها وكلما كان العدد محدودا والمطلوب بحثه واضحا مباشرا أمكن ممارسة ضبط عال وبناء في إجرائها والحصول على إجابات أو نتائج واحدة عند تكرارها، يحتوي التخصيص كذلك على تقرير الظروف والعوامل البيئية التي ستعمل فيها التجربة سواء كانت هذه مرتبطة بالمواعيد الإجرائية للتجريب والأدوات والأفراد والتسهيلات والمواد المستخدمة.
3. اختيار عينات التجريب: تعد عينات التجريب ومجموعاتها وكيفية اختيارها ودرجات تمثيلها لمجموع السكان من القضايا الشائكة في مجالات التجريب عموما وأن ضبطها وإنجازها بصيغ علمية وموضوعية سيسهم لدرجة ملحوظة في التوصل لنتائج صالحة يمكن تعميمها، والاستفادة منها في مجالات متنوعة مناسبة تخص الفئة العامة أو الخاصة التي تنتمي إليها عينات التجريب، ويجرى اختيار العينات عادة بثلاث خطوات أساسية هي:
o تخصيص الفئة العامة التي ستجرى دراستها من خلال عيناتها المختارة مثل: تلاميذ المنهج أو معلِّميه أو إدارييه أو فني الوسائل والمواد التعليمية.
o اختيار العينات التي ستشتمل عليها مجموعات التجريب.
o تقسيم العينات المختارة إلى فرقتين: تجريبية وغير تجريبية (ضابطة مقارنة).
4. ضبط العوامل المستقلة: يتطلب هذا الشرط الإجرائي فرز العوامل المؤثرة التي ستتولى إنتاج التأثيرات المطلوبة ثم توصيفها كاملا، بحيث يؤدي هذا عند دراسة وتحليل النتائج الملاحظة إلى تحديد أسبابها المباشرة، أي: إلى تحديد هوية العامل التي أثرت عليها وعملت على إنتاجها، كما يستلزم الضبط تفصيل عمليات وعوامل التجريب بما في ذلك الباحثين والمساعدين وكفاياتهم الوظيفية والمكونات الاجتماعية لبيئات التجريب لتوفير درجة مقبولة من الوضوح لعمليات التجربة المعنية واتجاهاتها والعوامل الرئيسة المؤثرة مباشرة في كل منها.
5. تحديد مواصفات الأثر المطلوب: والأثر المطلوب هو في الواقع النتائج المطلوبة من التجريب المتصلة عادة بالعوامل التابعة أو المؤثرة، وعند تحديد الحالي يراعى ما يلي:
o تعريف دقيق لنوع الأثر أو العامل التابع الذي يعتمد في مواصفاته الجديدة على العوامل المستقلة للتجريب.
o معايير كفاية الأثر أو معايير الأثر الناجح المطلوب.
o ظروف النجاح أو الفعالية التي يجب أن يبدو فيها الأثر المطلوب.
تصميمات البحوث التجريبية:
يقصد بتصميم البحث أو الدراسة: الخطة أو الاستراتيجية التي يضمها الباحث لكي يمكنه الوصول إلى إجابة لمشكلة بحثه ولضبط التباين الحادث في درجات المتغير التابع بحيث يكون راجعا إلى المتغير المستقل.
يقصد بالخطة: التخطيط العام للدراسة ابتداء من تحديد المشكلة ووضع الفروض وكيفية التحقق منها، ويقصد بالاستراتيجية: الأساليب التي سيستخدمها الباحث في تحليله لبيانات البحث وكيف سيصل إلى تحقيق أهداف البحث، والتغلب على ما يعترضه من مشكلات في أثناء سيره في البحث.
للتصميم هدفان أساسيان:
1. وصول الباحث إلى إجابات لمشكلة بحثه أو سؤاله.
2. ضبط التباين الحادث في درجات المتغير التابع ويتحقق ذلك بطرق ثلاث:
o إتاحة الفرصة لزيادة تأثير المتغير المستقل.
o إنقاص تأثير أخطاء القياس التي تؤثر في تباين الدرجات.
o منع – أو تحديد- تأثير المتغيرات المتداخلة.
فلو أراد باحث دراسة أثر طريقتين للتدريس (أ - ب) على تحصيل عينة من الأطفال مرتفعي ومنخفضي الذكاء فإن متغيرات الدراسة تتضمن الخلايا الداخلية دراجات اختبار تحصيل التلاميذ التي تتباين بناء على:
أ- المتغيرات المستقلة (الطريقة، الذكاء) والتفاعل بينهما.
ب- أخطاء القياس التي ترجع إلى صدق وثبات الأدوات وطريقة التطبيق.
ج- المتغيرات المتداخلة كالفروق الفردية بين التلاميذ.
لذلك يكون على الباحث اختيار التصميم المناسب ليصل إلى نتائج على درجة مناسبة من الثقة.
خصائص التصميم الجيـد:
1. مساعدة الباحث في التوصل إلى إجابات صادقة وموضوعية ودقيقة لمشكلة بحثه، ويتحقق ذلك إذا أدى تصميم الباحث إلى اختبار دقيق للعلاقات بين المتغيرات وإلى تحديد لنوع البيانات التي سيجمعها الباحث وكيف سيحللها، وإلى النتائج المحتمل التوصل إليها.
2. مرونة التصميم ففي المثال الذي ذكرناه عن أثر طريقة التدريس (أ) على تحصيل التلاميذ متفاوتي الذكاء باستخدام تحليل التباين لمتغير واحد ويختبر في الثاني أثر طريقة التدريس به على تحصيل التلاميذ متفاوتي الذكاء باستخدام تحليل التباين لمتغير واحد أيضا، في هذه الحالة لا يمكن دراسة أثر التفاعل بين طريقة التدريس ومستوى الذكاء.
3. أن يساعد التصميم على الإقلال من تأثير مصادر الخطأ التي تتعرض لها البحوث، والتي حددها ليند كويست في صادر ثلاثة:
- أخطاء ترجع إلى توزيع العينة كأفراد S.
- أخطاء ترجع إلى ظروف الجماعة G.
- أخطاء ترجع إلى إمكانية تكرار التجربة R.
لنفترض أن 60 طفلا اشتركوا في تجربة لتحديد درجة فاعلية طريقتين من طرق تدريس القراءة، وأنهم قسموا عشوائيا إلى 6 مجموعات فرعية قوام كل منها عشرة تلاميذ، فمن المحتمل أن تتضمن إحدى المجموعات عددا أكبر من غيرها من التلاميذ مرتفعي الذكاء مما يحقق لهذه المجموعة تفوقا في درجات القراءة بصرف النظر عن الطرق المستخدمة في تدريسها، أطلق " ليند كويست" على هذا المصدر S.
لنفترض أن توزيع التلاميذ على المجموعات كان سليما ولكن إحدى المجموعات – لعامل أو آخر- لها ميزة خاصة في أثناء التجربة كأن يكون المدرس القائم بالتدريس ممتازا، أطلق ليند كويست على هذا المصدر G؛ لأن الفروق في درجات التلاميذ تعزي للظروف التي تتعرض لها الجماعة.
لنفرض أن نفس التجربة أجريت مرة ثانية في مدرسة أخرى، وأسفرت عن أن الطريقة الثانية التي ثبت تفوقها في المدرسة الأولى تفوقت عليها طريقة أخرى في المدرسة الثانية، لتباين الخلفيات الثقافية للتلاميذ، يطلق ليند كويست على هذا المصدر R( ويمكن أن يطلق على هذا المصدر اسم التفاعل بين المستوى الثقافي للتلاميذ، والطريقة المستخدمة في تدريس القراءة) مما لا يؤدي للتوصل إلى نفس النتائج لو أعيدت التجربة.
ومما يساعد على الإقلال من تأثير مصادر الخطأ المشار إليها مراعاة الصدق الداخلي والخارجي للتجربة، واستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة سواء بالنسبة لاختيار العينة أو بالنسبة لتحليل البيانات، ومراعاة المسلمات التي يقوم عليها كل أسلوب من الأساليب الإحصائية.
4. أن يحقق التصميم الصدق الداخلي والخارجي للتجربة بأقصى درجة ممكنة.
ينقسم صدق الدراسة إلى نوعين:
أ. الصدق الداخلي: وهو مجموعة خصائص الموقف التجريبي التي تسمح للباحث أن يعزو التغيرات التي طرأت على المتغير التابع إلى التغيرات التي أحدثها الباحث في المتغير المستقل.
ب. الصدق الخارجي: مجموع خصائص الموقف التجريبي التي تسمح للباحث أن يعمم نتائج دراسة موقف تجريبي معين على مواقف وعينات مماثلة لعينة الدراسة.
والعشوائية هي أفضل وسيلة لتحقيق الصدق الداخلي والخارجي؛ لأن توزيع الأفراد عشوائيا على مستويات المتغير المستقل يؤدي إلى تحقيق الصدق الداخلي، كما أن الاختيار العشوائي للأفراد – بحيث يمثلون المجتمع الأصلي الذي سحبت منه العينة – يساعد على صدق تعميم النتائج التي تسفر عنها الدراسة.
العوامل المؤثرة على صدق التجربة:
أولاً: العوامل المؤثرة على الصدق الداخلي
1. التاريخ: الأحداث التي تقع بين القياسات المتعددة للظاهرة موضوع الدراسة، على أن يلاحظ أن تلك الأحداث تكون مرتبطة بعوامل متداخلة وليست بالعامل المستقل، فعند دراسة التغير الذي يطرأ على التفكير الابتكاري بناء على تقديم برنامج معين لا بد من القياس قبل وبعد تقديم البرنامج.
2. النضج: مجموعة التغيرات التي تحدث مع الزمن مثل: النمو الجسمي والعقلي والمثال السابق يوضح ذلك.
3. القياس: هو الأثر الذي يحدثه القياس الأول على نتائج القياس الثاني مثل الألفة بموقف الاختبار أو تذكر بعض الوحدات.
4. الأدوات: مثل استخدام أدوات مختلفة في القياس مثل: قياس العدوانية أولا بمقياس إسقاطي ثم قياسها بعد فترة زمنية بناء على الملاحظة، ففي القياس الأول تقاس النزاعات العدوانية، أما في القياس الثاني فيقاس السلوك الملاحظ سواء من حيث مدته أو تكراره.
5. أخطاء القياس: ترجع قيمة أخطاء القياس إلى أنها أحد العوامل التي تسهم في اتجاه درجات الأفراد نحو المتوسط في القياسات المتعددة إذ تميل الدرجات المرتفعة إلى الانخفاض اقترابا من المتوسط كما تميل الدرجات المنخفضة إلى الارتفاع اقترابا من المتوسط ويبدو أثر أخطاء القياس واضحا عند القياس أكثر من مرة.
6. التجربة في أثناء الاختيار: كاختيار أفراد ذوي خاصية معينة للحصول على نتائج معينة كاختيار متعلمين حضريين في مقابل أميين ريفيين لإثبات تفوق الحضري على الريفي في الذكاء.
7. نقص أفراد العينة: ويرجع ذلك إما إلى موت بعض أفرادها أو عدم رغبتهم في الاشتراك في الدراسة أو الانتقال من البيئة الجغرافية للدراسة.
8. التفاعل بين أثر طريقة الاختيار وعوامل أخرى: قد يتفاعل الاختيار المتحيز مع أحد العوامل السابقة مما يؤدي إلى نتائج غير حقيقية، فعند اختيار عينة متعلمة حضرية في مقابل عينة أمية ريفية ونقص العينة الريفية فإن ذلك يؤثر على النتائج.
9. ثبات الأدوات: درجة ثبات أدوات القياس عامل مؤثر على الصدق الداخلي للتجربة باعتبار أن ثبات المقياس دالة لدقة المقياس في قياسه للظاهرة.
ثانياً: العوامل المؤثرة على الصدق الخارجي:
1. القياس: قد يكون للقياس أثره على درجات الأفراد في القياس البعدي، وبذلك تصبح درجاتهم غير ممثلة للمجتمع الأصلي الذي سحبت منه عينة الدراسة.
2. التفاعل بين أثر طريقة الاختيار وعوامل تجريبية أخرى: ولقد سبق بيانها في العوامل المؤثرة على الصدق الداخلي أيضا، فعند اختيار عينة متعلمة حضرية في مقابل عينة أمية ريفية يكون للتذكر دور أكبر في درجات العينة الحضرية، وبذلك تصبح درجاتهم غير ممثلة للمجتمع الأصلي إذا كان الباحث يدرس متغيرا تابعا مرتبطا بالتذكر.
3. الإجراءات التجريبية: قد يكون الموقف التجريبي مفرطا في التصنيع مما يؤدي إلى أن تكون الدرجات التي تحصل عليها العينة غير ممثلة لدرجات المجتمع الأصلي.
4. تفاعل أثر العديد من المتغيرات المستقلة: فدراسة أثر الجنس ونوع الدراسة والمستوى الاقتصادي الاجتماعي على قيم الأفراد تتضمن ثلاثة متغيرات مستقلة، وقد يكون لأحد المتغيرات تأثيره السابق الذي لا يضيع (كالتحصيل السابق لمفردات العينة قبل إجراء البحث) عند تأثير المتغير الثاني (كالجنس أو المستوى الاقتصادي والاجتماعي).
5. حساسية المقاييس لإثارة استجابة غير مناسبة لدى مفحوصة: ويقصد بهذا العامل أن المقاييس بطبيعتها معقدة، وتتضمن بعض العوامل غير المرتبطة بما يقاس (كالكذب) مما يؤدي إلى إحداث استجابات سطحية أو مظهرية من المفحوص.
6. التكرار غير السليم للمعالجات: إذا كانت المعالجات معقدة قد يخفق تكرار تلك المعالجات في إدراج بعض العوامل المؤثرة والمرتبطة باستجابات المفحوصين في التجربة.
وأخيرا يجب الإشارة إلى أن هذين النوعين من الصدق يمكن أن يتأثر أحدهما دون الآخر، فقد يختار الباحث عينة بصورة عشوائية بحيث تكون ممثلة للمجتمع الأصلي لكن يتدخل أثر القياس القبلي على نتائج القياس البعدي أو يتدخل النضج كعامل مؤثر في نتائج القياس البعدي.
وهناك عوامل أخرى تؤثر على الصدق الخارجي وتن