بسم الله الرحمن الرحيم
امتصاص الحديد والكالسيوم وتأثيرهما أو تأثرهما بمواد غذائية أخرى أو فيما بينهما موضوع واسع وأموره متداخلة ونحن هنا نحاول أن نبسط الأمر قدر الاستطاعة، ويجدر أن نبدأ بتوضيح حقيقة المواد المؤثرة على امتصاص الكالسيوم والحديد. الكالسيوم مثلاً يتأثر امتصاصه إيجابياً (أي يزيد امتصاصه) بوجود سكر اللاكتوز (الموجود في الحليب) ولذا فإنه ينصح بأن تحتوي فورملا الأطفال على هذا السكر. كما أن امتصاص الكالسيوم يتأثر إيجابياً بوجود فيتامين ج (المسمى حامض الأسكوربيك) وفي المقابل يتأثر امتصاصه سلبياً (يقل امتصاصه) بوجود الفياتيت (مركب يوجد في النباتات)، وهناك من يشير إلى احتمال أن الألياف الغذائية قد تؤثر على امتصاص الكالسيوم سلبياً.أما الدهون فليس لها تأثير على امتصاص الكالسيوم كما يعتقد البعض. أما عن تأثير الكالسيوم على امتصاص الحديد فقد وجدت بعض الدراسات أنه يؤثر على امتصاص الحديد إذا كان على هيئة أملاح الكالسيوم المسماة (كربونات الكالسيوم). وقد يصل هذا التأثير إلى إضعاف الامتصاص إلى حدود تصل إلى 50%. أما الكالسيوم الموجود في الحليب فإنه يعوق امتصاص الحديد بحدود 30%، ولكن لا يكون ذلك إلا إذا كان الحديد على هيئة أملاح كبريتات ويكون ذلك مع الطعام. أما إذا لم يكن مع الطعام فإنه لا يؤثر على امتصاصه. وكلمة أملاح حديد أو كالسيوم هنا نعني بها التي تؤخد بالفم على هيئة حبوب. ويوجد حديثاً حبوب كالسيوم تسمى (CCM) وهي تشمل كربونات كالسيوم وحامض الستريك وحامض الماليك (بنسبة 5 إلى 1 إلى 1) وهي تؤخذ كمصدر للكالسيوم عالي الامتصاص إذ إنها تمتص بصورة عالية في جسم الإنسان، ولكن وجد أنها تؤثر على امتصاص الحديد إذا أخذ معها(أو الموجود منه في الطعام بنسبة 30%) ولكن وجد أن أخذ هذه الحبوب مع عصير البرتقال لا يؤثر على امتصاص الحديد. ولو تركنا الكالسيوم وتحدثنا عن الحديد فإنه لابد من توضيح أن امتصاص الحديد من الأغذية عند الإنسان الصحيح لا يتجاوز 5% إلى 10% من الحديد الموجود فيها. أما الشخص الذي يعاني فقر الدم فإنه يمتص نسبة أعلى قد تصل إلى 20% أحياناً. وامتصاص الحديد في الغذاء مرتبط بنوع الغذاء الموجود فيه الحديد، والغذاء الذي يؤخذ معه الحديد وعوامل أخرى. فمثلاً الحديد الموجود في اللحوم الحمراء يمتص بصورة أفضل من الموجود في الخضار الورقية ويسمى الحديد الموجود في اللحوم الحمراء بالحديد الهيمي، كما أن وجود فيتامين «ج» مع الغذاء يساعد أكثر على امتصاص الحديد. أما المواد التي تعوق امتصاص الحديد بصورة واضحة فهي مركبات الفينولات العديدة الموجودة في بعض النباتات والتنين الموجود في الشاي والفياتيت الموجود في نخالة القمح، لذا فيمكن أن يقال أن المواد الغذائية مثل الشاي والقمح والسبانخ والعدس والبنجر كلها مواد تؤثر سلباً على امتصاص الحديد وهناك مواد تؤثر بصورة متوسطة على امتصاص الحديد، مثل الجزر والقرع والبروكلي والطماطم والزهرة والكرنب والكوسة. وهناك مواد تساعد على امتصاص الحديد مثل اللحوم الحمراء وعصير البرتقال والليمون وغيرها. أما خلط الأغذية مع بعضها فإن هناك كماً كبيراً من الدراسات حولها لا نريد أن ندخل فيها فمثلاً رغم أن اللحم يساعد على امتصاص الحديد فإن وجوده في ساندويش الهمبرغر يقلل الامتصاص. الأهم من كل ما سبق التنسيق في تناول الأغذية وعدم أخذ حبوب الحديد والكالسيوم في الوقت نفسه، وكذا عدم التخوف عند الأصحاء من الأمر فإن الجسم سيأخذ احتياجاته طالما أنه بصحة جيدة. وأكل الخضراوات والفواكه والألياف، أو شرب الحليب مهم جداً للجسم والتقصير في إعطاء الجسم حاجته من هذه المواد يؤدي إلى اعتلال الصحة، بصورة قد تفوق الخوف من امتصاص الحديد بمراحل. ولكن مثل هذه المعلومات قد تهم فئة تعاني مشكلات الأنيميا بالدرجة الأولى وحتى هذه الفئة لا ينبغي أن تهمل في تناول الحليب أو بعض الأغذية الأخرى بحجة امتصاص الحديد. ولكن على من يعاني الأنيميا أن يتعرف أولاً على مثل هذه المعلومات ثم يحسن ترتيب أكله ويأخذ حبوب الحديد بين الوجبات لا أثناءها مع شرب كأس من عصير البرتقال أو الليمون أو الجريب فروت معها. وعليه بأكل اللحوم الحمراء في الحدود المعقولة. ثم يجب عليه عدم إهمال أكل الخضار والفواكه والألياف أثناء الطعام لأنها مهمة جداً لتزويده ببقية المعادن والفيتامينات.