التوسط بين صديقين متنازعين لا عصمة في الصداقة.. فقد يحدث خلاف، وشجار، وتباعد بين صديقين…هنا ما هو دورك؟
العادة أن للإنسان ثلاثة مواقف أمام هذه الحالة:
- أن لا يعطي المسألة أهمية، ولا يعتبرها من مسؤولياته، فيتركها ليعالجها
الزمن. ( هذا الموقف نابع من روح اللامبالاة عند البعض وانعدام الإحساس
بمشاعر الآخرين، وأحاسيسهم)
- الموقف المنافق.. ( وهو أن يقوم الإنسان بتعميق الخلاف بين الصديقين،
فيأتي لهذا وينقل له كلامك من صديق لآخر..، ثم يأتي للطرف الثاني وينقل له
ذات النغمة، حتى يوصل الصديقين إلى طريق مسدود.. وهذا موقف ذو الوجهين..
- أن يحمل غصن الزيتون للصديقين، وينقل لهذا كلاماً طيباً عن ذاك، ينقل
لذاك كلاماً طيباً عن هذا حتى يوصلهما إلى نقطة الإلتقاء، فيذيب ثلوج
الجفاء بينهما، ويعيد المياه إلى مجاريها… ( وهذا هو المطلوب إسلامياً )..
قال الإمام علي عليه السلام لولديه الحسن والحسين (ع):
" أوصيكما وجميع أهلي وولدي، ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ونظم
أمركم..الله الله في صلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما رسول الله (ص) يقول:
إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام "
وورد عن الصادق (ع) قوله: " صدقة يحبها الله: الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، والتقريب بينهم إذا تباعدوا "
إن كثيراً من الأصدقاء يدخلون في خلاف بسيط، يتحول هذا الخلاف شيئاً
فشيئاً إلى جفاء بينهم، ثم يتطور إلى قطيعة.. فينتبه الطرفان إلى ذلك
فيشتاقان للرجعة..فلا يوجد طرف ثالث يقوم بواجب التوسط لحل النزاع، وهكذا
تستمر المقاطعة في حين أن الطرفين لربما يرغبان في الإصلاح..إذن لنأخذ
بهذه الوصية: عندما يحدث خلاف بين صديقين كن حامل الوردة بينهما… ينبغي أن
نلتزم بمبدأ عدم التنازل عن الصداقة السليمة، مهما كانت أخطاء أصدقائنا
معنا، طالما لم يعارضها الشارع المقدس تصل إلى حد الزهد فيك.. إن علينا أن
نكون عصاميين في صداقتنا مع الناس وأن نواجه القطيعة منهم، إن حصلت
بالصلة… والعصامية في الصداقة تعني أن يمتص الإنسان أخطاء أصدقائه، ويجعل
مبدأ استقامة العلاقة فوق كل شيء…
ففي مقابل كلمة نابية، أو خطأ من صديق، أو حتى جريمة منه، هنالك التسامح
والعفو… ذلك أن الصديق له قيمة لا تقدر بساعة غضب أو حالة طيش، وإنما تقدر
بالحياة كلها… يقول الإمام علي (ع) " أطع أخاك وإن عصاك، وصله وإن جفاك"
ويقول أيضاً: "من المروءة احتمال جنايات الأخوان" وعادة لا يتحمل جنايات
الأصدقاء إلا أصحاب النفوس الكبيرة والعقول الراسخة، ولذلك لم نر عظيماً
إلا وكان متواضعاً لأصدقائه، ولم نر كبيراً، إلا وقد ارتفع عبر خفض الجناح
للناس حوله..