دار
حوار حول الأزمة الفلسطينية الأخيرة بين أسرة مصرية وبين الجد الأكبر صاحب الخبرة
والوعى والمتابعة ، وإليكم بعض ما دار فيها :
قالت
الأم منفعلة وقد أحزنها صور القتلى والجرحى وهدم المساجد والمدارس ..... ماذا
استفادت حماس من إشعال نار الحرب وإطلاق هذه الصواريخ .
فقال الجد :
اعلمى يا ابنتى واعلموا جميعا أن العصابات اليهودية جاءت من جميع أنحاء العالم
واستوطنت فلسطين كلها حتى أعلنوا قيام دولتهم الغاصبة سنة 1948 بعد أن ساعدهم
الاحتلال الإنجليزى ومكّن لهم فيها ومن ساعتها والقتل والتدمير والتشريد ومحاولات
هدم المسجد الأقصى وبناء الأنفاق تحته ..... كل ذلك لم يتوقف يوما واحدا ولم يمنعهم
معاهدات ولا هُدنة ولا منظمات دولية متآمرة ، إذن فاليهود يمارسون إجرامهم حتى قبل
ظهور حماس نفسها سنة 1987 ، أى أن حماس لم تبدأ عدوانا ولكنها تقاوم القتل البطيء
الذى يتعرض له الشعب يوميا بالعدوان الصهيونى والحصار
والتجويع.
فقال
الأب :
ولماذا لا يقبلون المبادرات الأخيرة التى تدعو لوقف إطلاق النار ؟
فقال
الجد :
إن هذه المبادرات تصبّ فى مصلحة اليهود وليس مصلحة الفلسطينيين فهى تريد نزع سلاح
المقاومة وفرض قوات دولية فى غزة لتأمين سلامة اليهود وتعيين حكومة جديدة غير حكومة
حماس المختارة بإرادة الشعب بانتخابات حرة .
فتدخلت
الأم مرة ثانية وقالت ولكن استمرار هذه الحرب مع اختلاف القوتين يعنى مزيدا من
الدمار والخراب .
فقال
الجد :
يا ابنتى القتل عندنا فى مصر من غرق العبارات وحريق القطارات ومرضى الكلى والكبد
والسرطانات التى جاءتنا بسبب التطبيع مع اليهود أكثر من قتلى
فلسطين
وأذكّركم بما حدث لما احتل الأمريكان دولة(
فيتنام) وقتلوا منهم ما يقرب من ثلاثة ملايين مواطن وكان الناس يشتكون من كثرة
القتلى للرئيس الفيتنامى ( هوشيه منه ) فقال كلمة خالدة : إن الشعب الذى يعُدّ
ضحاياه فى سبيل حريته سيخسر الضحايا والحرية معاً .
وفى
النهاية طردوا الأمريكان ولقنوهم درسا قاسيا فما بالكم والقتلى فى فلسطين شهداء
أحياء عند ربهم يُرزقون ، وحسْب الجرحى شرفا وفضلا أنهم يساهمون بآلامهم وجراحهم فى
توعية الأمة ويقظتها وإفاقتها من غفلتها .
ولا تنسوا حجم الرعب والفزع الذى يصيب الشعب
الصهيونى من هذه الأسلحة الخفيفة ، فهم الآن تحت المخابئ بلا عمل ولا أمان فضلا عن
الخسائر البشرية والاقتصادية التى يحرصون على إخفائها ، بل إن أصواتا كثيرة من
قادتهم تنادى بالانسحاب .
فاندفع
الشاب قائلا :
ولكننا يا جدى لا نقبل أن يستوطن هؤلاء الفلسطينيون فى سيناء كما لا نرضى بقتل أحد
من قواتنا على الحدود .
فرد
الجد :
يا بنى نحن جميعا نحب مصر ونحرص عليها ولكنى أؤكد لك أن هذه دعايات إعلامية خبيثة
فأهل فلسطين متمسكون بأرضهم ولا يريدون غيرها ، وأكبر دليل أنه بعد بدء هذه الحرب
الأخيرة توجه الفلسطينيون من مصر عائدين إلى غزة ، والفلسطينيون المشردون فى أنحاء
العالم مستقرون فى بلاد وديار ومع ذلك يطالبون بحق عودتهم لفلسطين ودليل آخر أنه
منذ حوالى عدة أشهر دخل حوالى 600ألف فلسطينى من أهل غزة إلى مصر لشراء الغذاء
واحتياجاتهم الضرورية ثم رجعوا إلى بلادهم .
أما حادثة قتل الضابط المصرى فهو تصرف فردى من
مواطن عادى وليس من حماس ، أطلقت قواتنا النار على ابنه فقام برد فعل سريع
.
ولكنى
أريد أن أسألكم أنا ماذا فعل إعلامنا والمسئولون عنا عندما قام الجنود الصهاينة
بإطلاق النار وقتلوا عددا كبيرا من قواتنا على الحدود ، وقد حدث هذا كثيرا ، وأين
أمننا القومى عندما يدخل اليهود سيناء بلا تأشيرات ويتجوّلون فيها كما يشاءون فى
الوقت الذى لا يجوز لنا أن يكون لنا فيها جيش ، وهل وجود إسرائيل على حدودنا لا
يهدد أمننا القومى بل أؤكد عليكم أن الحفاظ على سلامة غزة والمقاومة أمر مهم للأمن
القومى المصرى ، لأن غزة هى درْع لنا وعُمق استراتيجى
وهنا سألت إحدى البنات قائلة : أريد أن أعرف يا
جدى سبب هذا العداء الإعلامى العالمى والمصرى للأسف على حماس ؟
فقال
الجد :
اعلموا يا أبنائى أن العالم كله الآن بعد أن تخلص من العدو الشيوعى أعلن أنه ليس
أمامه إلا الإسلام ، فكل من يريد العودة للإسلام أو يرفع شعاره مثل حماس وغيرها
.... يعتبر إرهابيا متطرفا يجب محاربته والوقوف أمامه ، وللأسف يساعدهم فى هذه
الحرب على الإسلام أصدقاؤهم وعملاؤهم من الحكام والمسئولين والإعلاميين الخائنين
والمرتزقة .
قال(
شاؤول منشى) المحرر السياسى الإسرائيلى فى إذاعة لندن 28/12/2008 :
إذا كان المسئولون المصريون قالوا بالحرف الواحد : إننا لا نقبل وجود إمارة إسلامية
على حدودنا فى غزة ، فكيف تريدون من إسرائيل وهى دولة غير مسلمة قبول هذه الإمارة
على حدودها ؟
فتدخل
الأب قائلا :
وماذا نفعل لهم وهم مختلفون بينهم ومن بينهم خونة وباعوا أرضهم ؟
فقال
الجد :
يا بنى التعميم آفة من آفات التفكير فكل شعب فيه الطيب والخبيث ، والأعداء يستغلون
فقر بعضهم وضعف نفوسهم ونحن بتخلّينا عنهم نعرضهم لهذه الفتن ،أما أكثر الشعب الذى
اختار حماس والمقاومة فهو شعب مؤمن صابر ، بل مع هذه المجاعات لم تسجل حالة سرقة
واحدة فى غزة ، أما الاختلاف بينهم، فماذا تفعل حماس مع عباس وبعض قادة فتح الذين
يعملون لحساب اليهود ويتاجرون بالأرض والعرض والقضية لحسابهم الشخصى ، وإلا
فأخبرونى لماذا سأل بوش عن محمد دحلان عندما زار( رام الله) ؟ ولماذا أصر اليهود
على وجود عباس ورجاله على رأس الحكم ؟
أما موضوع بيع الفلسطينيين أرضهم فهى خدعة قديمة
روّجها اليهود وهى غير صحيحة ، فالأرض التى بيعت لم تتجاوز 1% من الأرض الفلسطينية
وكان أصحابها من عائلات غير مسلمة وباعوها بعد التضييق ومنع المياه عنها من قبل
الاحتلال الإنجليزى قبل الاحتلال اليهودى
وأخيرا
نطق الجميع :
جزاك الله خيرا يا جدّنا العزيز ، ولكن أخبرنا ما الدور الذى يمكن أن نقوم به ؟
فقال لهم : بارك الله فيكم ، أما المطلوب منا
جميعا فهو التعاطف والتراحم والمشاركة المعنوية التى وصف بها الرسول (صلى الله عليه
وسلم) الجسد الإسلامى الواحد ، وأن يدفعنا هذا التعاطف إلى الوعى بالقضية وتوعية من
حولنا ، ثم التبرع بما نستطيع من أموال وأغذية وأدوية ، ومقاطعة منتجات اليهود
وأعوانهم ، وتحسين صلتنا بالله تعالى ، وأن نعلم أن خذلاننا لهؤلاء الإخوة سيعرضنا
لغضب الله وخذلانه لنا أيضا ، وأن نتخلى عن الاهتمامات الفارغة وأن نشغل أوقاتنا
بما ينفعنا فى الدنيا والآخرة ، وأن نكثر من الدعاء فى كل وقت ، واللجوء إلى الله
تعالى لكشف الغمة وتفريج همومهم وهمومنا مع الثقة فى نصر الله ( والله غالب على أمره ) .
والله
الموفق
