جامعة المنوفية
كلية الاقتصاد المنزلى
قسم الاقتصاد المنزلى والتربية
بحث بعنوان
المشكلات التى تواجه البحوث التربوية والاجتماعية
تقديم
غادة عبد المحسن شريف
ثانية دكتوراه اقتصاد منزلى وتربية
تحت اشراف
د/احمد الحجار
2010
مـقـد مـة
يواجه البحث الاجتماعي والتربوي العديد من المعوقات التي تحد من وجوده وتحول دون الاستفادة من نتائجه وتحويلها إلى قرارات حيث إننا نجد أن ما تنتجه البحوث من معلومات أو تصدره من توصيات لا يصل إلى متخذي القرار والمخططين وواضعي السياسة التعليمية، ولذلك فإن البحوث كثيراُ ما تنتهي حياتها في دواليب المحفوظات أو أرفف المكتبات دون أن يقرأها أو يسمع عنها من هو في أشد الحاجة إليها من العاملين في الميدان، ولذلك قد تكون هناك بحوث جيدة وفيرة العدد تجري كل عام لكن ما قيمتها وما جدواها إذا لم تطبق نتائجها ويتم استخدامها في حل المشكلات التعليمية .
البحث التربوي
البحث التربوي :
هو بحث علمي في مجال التربية يسعي إلى تقديم إجابات أو حلول لمسائل أو مشكلات تربوية معينة. ويسمى البحث التربوي بحث أساسي إذا قدم إجابات نظرية عن مشكلة البحث أو بحث تطبيقي إذا قدم إجابات عملية .
مجالات ومنهجية البحث التربوي
من بين المجالات التي تشكل مجالاً للبحث والدراسة وذات صلة بدور وعمل المعلم :-
البناء المدرسي ، المنهاج ، الطالب ، الاختبارات ، أساليب التدريس ، الوسائل التعليمية ، الجدول الدراسي ...........الخ
وهناك الكثير من الأسئلة التي يمكن أن تطرح حول المشكلات التربوية ذات الصلة المباشرة بعمل المعلم والتي تحتاج إلى البحث والدراسة من بينها:-
1- ما هي اتجاهات الطلبة نحو الامتحانات أو المدرسة أو المعلم
2- كيف يتغلب المعلم على التشويش الذي يحدث من بعض الطلبة في غرفة الصف
3- هل تكشف العلامات عن الفروق الفردية بين الطلاب
4- هل يمكن تحقيق أهداف الوحدة بعدد أقل من الحصص المقررة
5- لماذا يلجأ الطلبة للغش في الامتحانات
6- ما أساليب العقاب المناسبة للطالب العدواني
متطلبات البحث التربوي :
هناك العديد من المتطلبات التي يحتاج إليها الباحث التربوي لغايات إجراء البحث أهمها :
1- توفر الإمكانات المادية والتسهيلات إلي يتطلبها إجراء البحث
2- امتلاك الباحث للمهارات البحثية والقدرات العقلية التي تمكنه من النقد والتحليل وصياغة الأفكار وربطها
3- أن يتمتع الباحث بالصبر والمثابرة والقدرة على بناء العلاقات الاجتماعية مع الأفراد المشاركين في البحث
4- التواصل مع المكتبات والاستفادة من مصادر المعلومات المتوفرة
5- القدرة على تطوير أدوات القياس وإتقان المهارات التي تتطلبها إجراءات البحث
6- القدرة على تحليل البيانات وتفسير نتائجها
7- عرض المعلومات والنتائج التي يتم التوصل إليها بصورة سهلة ومبسطة يسهل فهمها
8- الاعتماد على النفس في التحليلات الإحصائية واستخدام الحاسوب والتقنيات اللازمة التي تتطلبها إجراءات البحث
مشكلات البحث التربوي ومعيقاته
من بين المشكلات التي تواجه الباحث في البحوث التربوية ما يلي:-
1- تنوع التصاميم وتعدد المهارات البحثية وتنوع المشكلات البحثية وتداخلها.
2- تعدد مصادر المعلومات وتنوعها والتعامل مع عدد كبير من المتغيرات .
3- طبيعة المتغيرات وأدوات قياسها حيث تكون معظم المتغيرات مجردة أكثر منها محسوسة مثل متغير الذكاء والتحصيل والقلق ومفهوم الذات فهي تفتقر لأدوات قياس متفق عليها بخلاف أدوات القياس الفيزيائية مثل قياس الوزن أو الطول مثلاً
4- صعوبة تحقيق التوازن بين الصدق الداخلي والخارجي إي فيما إذا كانت فقرات الاختبار على علاقة ايجابية مع محتوى الاختبار (صدق داخلي) أو على علاقة ايجابية مع اختبار آخر مصمم لقياس نفس السمة أو السلوك (صدق خارجي).
5- صعوبة التحكم بمتغيرات البحث التربوي الناتج عن صعوبة عزل المتغيرات الأخرى التي تؤثر على السمة المقاسة .
مثل :-
دراسة أثر موقع الحصة في الجدول الدراسي على التحصيل . فهناك متغيرات أخرى غير موقع الحصة تؤثر على التحصيل يصعب ضبطها.
6- مشكلات جمع المعلومات وتطبيق أدوات القياس نظراً لشروط وتعليمات هذه الأدوات وميل بعض المفحوصين لتزييف الإجابات خاصة في المقاييس النفسية والمتعلقة بالاتجاهات والقيم .
7_ مشكلات في تحليل النتائج وتفسيرها وقدرة الباحث على استخدام الإحصائيات والاختبارات المناسبة
8- مشكلات دقة الأدوات.
9- المشكلة الأساسية أن مادة البحث التربوي هي الإنسان.
10- اعتماد الكثيرين من منفذي القرارات على خبراتهم الوظيفية .
محددات الطريقة العلمية في البحث التربوي
1-تعقّـد المشكلات التربوية.
2-ضعف القدرة على الضبط التجريبي.
3-تغيّــر الظواهر الاجتماعية و الإنسانية.
4-خضوع بعض المشكلات التربوي لمعايير أخلاقية.
5-الطبيعة المجردة لبعض المفاهيم التربوية.
6-مشكلة الملاحظة.
7-تأثر الوضع التجريبي بالمجرب.
8-دقة القياس.
مشكلات الطريقة العلمية في البحث التربوي
1_ تعقيد موضوعات البحث وصعوبة التعميمات للنتائج .
2_ الصعوبات في تنفيذ الملاحظة وأدوات القياس والدقة
3_ التفاعل بين الباحث الملاحظ والأفراد المشاركين.
4_ الصعوبة في إعادة أحد المواقف الناشئة وتكرارها لان القياس التربوي موقفي ظرفي
5_ الصعوبة في الضبط والتحكم للصفات البشرية
6_ مشكلات أدوات القياس والتحيز
الأخطاء الكامنة في البحث التربوي
هناك مصدران أساسيان للأخطاء هما:
المصدر الأول:
أخطاء تعزى إلى الباحث أهمها:
1-التعصب لإطار نظري محدد.
2-اعتماد التصاميم التجريبية المختلفة .
3-عدم إتباع الإجراءات بدقة .
4-خلل في التحليلات الإحصائية .
5-تزوير البيانات.
6-أخطاء التطبيق.
المصدر الثاني:
أخطاء تعزى إلى أفراد عينة الدراسة، أهمها:
1-التهيؤ أو الميل لاستجابة معينة.
2-تزييف الاستجابات، فإن تزييف الاستجابات يأتي من عدة أسباب أهمها:
أ)الرغبة الاجتماعية.
ب)التظاهر بوضع يثير الإعجاب أو العطف.
ج)تفاعل الاستجابة مع خصائص الفاحص .
د)التفاعل ما يبيّن خصائص الفرد و خصائص أداة القياس.
المشكلات الواقعية والمتوقعة للبحث التربوى فى العالم العربى
اوضح حسن شحاته فى كتابه البحوث العلمية والتربوية بين النظرية والتطبيق المشكلات الواقعية والمتوقعة للبحث التربوى والتى صنفها الى ثلاثة اقسام يمكن عرضها على النحو التالى:
القسم الأول:
مشكلات المنهج العلمى:
يمكن عرض مفردات هذا القسم كما يلى:
1- افتقارالمكتبات للمراجع والتقنيات
2- غياب الأمانة العلمية لدى البعض
3- قلة المحلات المتخصصة فى التربية
4-غياب الدقة والموضوعية فى التوثيق
5- ندرة قنوات البحث المقننة
6- محاكة البحوث لبعضها موضعا ومنهجا
7- ضعف القدرة على الضبط التجريبى
8- كثرة المعلومات غير الوظيفية
9- عدم قابلية نتائج البحث للتطبيق
10- سيطرة الأرقام والإحصاءات فى البحث
11- سرعة تغيرالظواهر الاجتماعية
12- قياس متغير مستقل على متغير تابع
والملاحظ على هذه المشكلات أنها مشكلات واقعية تواجه البحث التربوى، وأنها مشكلات ملحة تحتاج إلى مواجهة للإقلال منها، وأن بعضها يمثل عيوبا شائعة فى البحث التربوى على المستوى القطرى والمستوى القومى على حد سواء تحتاج إلى وقفة ومراجعة؛ حتى يتحقق للبحث التربوى الجودة والانطلاق والتميز والارتباط بالواقع التربوى والتعليمي العربى، خاصة افتقار المكتبات للمراجع الحديثة والدوريات والتقنيات المتقدمة وشبكة المعلومات العالمية.
القسم الثانى:
مشكلات محيطة بالواقع:
يمكن عرض مفردات هذا القسم كما يلى:
1- كثرة الأعباءالتدريسية
2- البيروقراطيةالإدارية وصعوبة الإجراءات
3- عدم إيمان الممارسين بأهمية البحث التربوى
4- الانفصال بين البحث التربوى وصناع القرار
5- عدم التنسيبين مؤسسات البحث التربوى
6- تقيد الحرية الأكاديمية للباحث
7- الانفصال بين البحث والواقع التعليمى
8- القصور فى تطوير برامج الابحاث التربوية
9- الاتفاق إلى لسفة تربوية واضحة
10- عدم وجود حوافز مادية أو معينة
11- عدم وجود أولويات للبحث التربوى
12- خضوع متخذ القرار التربوى للسيرة الذاتية.
والملاحظ على هذه المشكلات أنها تعكس بصدق وأمانة مشكلات حقيقية، وليست متوهمة تحيط بواقع البحث التربوى، وتحد من انطلاقه وفعاليته وقدرته على تغيير الواقع وتطويره.
وجلها مشكلات ترتبط بأحادية الرؤية، وتتعامل مع الواقع البحثى باعتباره جزرا منعزلة بعيدا عن المؤثرات الداخلية والخارجية، ونحن نعيش فى قرية كونية مسامية الجدران.
وقد نالت هذه المشكلات اهتماما عاليا لدى المشتغلات بالبحث التربوى وبدرجات متقاربة مؤشرا على أنها مشكلات ملحة تتصادم مع الجهود البحثية والوظيفية، والأفكار التربوية الحديثة التى تسعى إلى تشكيل المؤسسات التربوية بفكر مستقبلى إبداعى، من منظور رؤية عالمية حضارية متجددة.
القسم الثالث:
مشكلات مرتبطة بحركة المجتمع
يمكن عرض مفردات هذا القسم كما يلى:
1- عدم الربط بين البحث التربوى والتنمية
2- قلة الخبرة باستخدام التقنيات المتقدمة
3- غياب خطط وسياسات البحث التربوى
4 -عدم اعداد كوادر البحث التربوى
5- افتقار البحث للتكنولوجيا المتقدمة
6- انعزال البحث التربوى عن مناهج المستقبليات
7- غياب بحوث الفريق الممولة
8- ضعف التمويل المخصص للبحث التربوى
9- غياب النظرية النقدية عن البحث التربوى
10- غياب النماذج والأطر التربوية
11- غياب المدارس البحثية
12- فوضى المصطلحات التربوية.
والملاحظ على هذه المجموعة من المشكلات أنها تمثل صخرة تنكسر عليها موجات تطوير التعليم، وأنها تضيق الشرايين التى تضخ الأفكار الجديدة فى مسيرة التطوير، وتغمض عينيها عن التفكير المنظومى وتتمسك بالنظرة التجزيئية، بل إنها تعزل حركة التربية عن المتغيرات العالمية فى عصر تتساقط فيه المعلومات من الفضاء؛ لتقنع بفضاء البحث التربوى وخوائه فى مقابل البحث التربوى بالفضاء وشبكات المعلومات العالمية، وتعتبر التكنولوجيا المتقدمةأداة بحث
وليست أساليب جديدة فى التفكير والبحث، وتحكمها رؤية ماضوية لا رؤى
مستقبلية، يأتى ذلك كله فى غياب النظرة النقية عن البحث التربوى والانعزال عن مناهج المستقبليات وغياب الأطر والنماذج، والخطط والسياسات، وضعف التمويل عصب البحث التربوى.
معوقات البحث التربوي
رغم التسليم بالحاجة الماسة لإجراء البحوث التربوية إلا أن هناك عدد من
المعوقات التي تحد من إجراء البحوث والاستفادة من نتائجها ومنها :
1-قلة المخصصات المالية للبحوث على مستوى الوطن العربي حيث يذكر ( حارب ، 1999هـ ) أن نسبة الأنفاق على البحوث العلمية لا تتجاوز 0.116% من دخول الدول العربية وهو ما يساوي 925.3مليون دولار ، وفيما لو كان الإنفاق يمثل 1% كنسبة مقبولة من دخولها فإن ذلك يساوي 7.5 مليار دولار إي أن العجز يساوي 6.4 مليار دولار ، في الوقت الذي يُنفق فيه على السلاح 60 مليار ريال ، وتبعاً لذلك يقل عدد الباحثين العرب البالغ 19100 باحث فيما يصل عدد الباحثين في العالم 4015000 باحث أي بنسبة 0.47% ، وأن عدد البحوث التي تجري في العالم العربي لا تساوي عدد ما يجري في جامعة هارفاد الأمريكية ، وربما بعض أسباب ذلك مرده إلي فقد الحماس للبحث العلمي بصفة عامة والتربوي منه بصفة خاصة ، وعدم إدراك أهميته وقيمته وعوائده الاقتصادية ، التي يذكر عنها ( النجار ، 1999 ) أن العائد من كل دولار ينفق على البحث العلمي يساوي 28 دولار .
2- نقص التدريب على البحث التربوي ، فكثير من العاملين في الميدان التربوي
تنقصهم الخبرة والمعرفة بمهارات البحث التربوي ، ويذكر ( مرسي ، 1407، ص10) أن المقررات الدراسية التي تطرحها الجامعات عن البحث التربوي على قلتها لا تساعد الطالب على الإلمام الكافي بأصول البحث وقواعده .
3-عدم وضع نتائج البحوث القائمة على أصول علمية موضع التطبيق ، إما جهلاً
بطرق التطبيق ، أو خوفاً من التجديد الذي تحمله نتائج البحوث .
4- وجود بحوث على أساس مشكوك فيه أو لا يمكن الاطمئنان إليه ، مما يعني
زعزعة ورفض لنتائج البحوث الأخرى .
5- عدم وجود البيئة المناسبة لإجراء البحوث سواء من حيث الإمكانات أو
التقبل أو الوعي بأهميته ، فلو كان د. أحمد زويل في الوطن العربي لما حقق
إنجازه العلمي الذي نال عليه جائزة نوبل .
المعوقات التي تواجه المشرف التربوي في إعداد البحوث
المعوقات التي تواجه المشرف التربوي بدرجة عالية في العبارات "ضعف الحوافز التي تقدم للباحث " و " خلو المكتبات من الدراسات والأبحاث التربوية " و " يتطلب إعداده جهد كبير" و " حاجته إلى نفقات مالية " و " إعداده يتطلب وقت طويل " و " أحياناً لا تطبق النتائج التي يصل إليها الباحث " ، فيما كانت المعوقات بدرجة متوسطة في العبارات "تحليل بعض نتائجه يتطلب الانتقال إلى أحد مراكز المعلومات خارج المنطقة " و " عدم الأخذ بأغلب نتائجه " و " عدم الاستفادة منه وظيفياً" و " وجود خلل في تعبئة بعض الإستبانات " و " عدم قناعة الوسط التربوي بالبحث غالباً "
البحث الاجتماعي
Social Research
مفهوم البحث الاجتماعي
تتعدد تعريفات البحث الاجتماعي العلمي بتعدد الباحثين، وانتماءاتهم الأيديولوجية، فضلاً عن تعدد وتنوع أساليب البحث في العلوم الاجتماعية.
لذا نعرض لبعض التعريفات في هذا السياق، حيث يرى البعض أن البحث الاجتماعي هو استقصاء منظم يستهدف إضافة معارف يمكن توصيلها، والتحقق من صحتها من طريق الاختبار العلمي.
بينما يرى فريق آخر بأنه استقصاء دقيق يستهدف اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التحقق منها مستقبلاً.
أما الفريق الثالث فيرى أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة، وذلك من طريق الاستقصاء الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلة، التي يمكن التحقق منها، والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة.
إن البحث بشكل عام هو عملية تجميع للبيانات والحقائق عن العناصر المادية
والمعنوية، حول موضوع معين دقيق في مجال التخصص، لفحصها وفق مناهج وأساليب علمية مقررة، يكون للباحث منها موقف معين، ليتوصل من كل ذلك إلى نتائج جديدة، هذه النتائج هي ثمرة البحث الاجتماعي.
والغاية التي ينشدها الباحث من وراء العملية العلمية الفكرية ـ سواء كانت
نظرية أو تجريبية ـ هي ما يُعبر عنه علمياً بالإضافة الجديدة المطلوبة في
البحوث الاجتماعية العلمية، إذ فيها تتمثل الأصالة.
وتتخذ الإضافة الجديدة في البحوث صوراً شتى، فإما أن تكون أفكاراً جديدة في المجال العلمي، أو حلاً لمشكلة علمية، أو بياناً لغموض علمي، إلى غير ذلك من الأغراض المطلوبة، مما يتفق ومدلول كلمة البحث الاجتماعي العلمي.
اكتفى بعض الباحثين عند تحديدهم للمقصود بالبحث العلمي، بالاقتصار على
المعنى البسيط للبحث، والقول بأن عملية البحث تتم في أبسط صورها في حياتنا
اليومية، بأكثر من مظهر وشكل، مثل ما يحدث عندما تصادفنا بعض المشكلات
ونحاول الوصول إلى حلول لها بطريقة أو أخرى. إن البحث بهذا المعنى البسيط
هو محاولة لحل مشكلة ما.
وبقدر زيادة المواقف المشكلة التي تحتاج إلى بحث، تنمو قدراتنا على إجراء البحث والتوصل إلى حلول سليمة، ما أمكن ذلك.
لكن رأى البعض أن هذا التعريف شكلي لا يمس مضمون عملية البحث وجوهره.
لذا فكروا في تقديم تعريفات أخرى أكثر دقة، يمكن تصنيفها في ثلاث فئات أساسية، هي:
1. تعريف البحث الاجتماعي من خلال أهدافه
يُعرف البحث بوصفه مسؤولية علمية تعتمد على طرق منسقة ومنطقية في تحقيق
الأهداف التالية:
أ. اكتشاف وقائع جديدة، أو التحقق من وقائع قديمة.
ب. تحليل تتابع هذه الوقائع وعلاقاتها المتبادلة، وتفسيراتها العلمية أو السببية، والتي تم اشتقاقها من إطار مرجعي أو نظري مناسب.
ج. تنمية أدوات علمية جديدة ومفاهيم ونظريات، قد تُعين في الدراسة الثابتة
والصادقة للسلوك الإنساني.
2. تعريف البحث الاجتماعي من خلال إجراءاته ومنهجه
يُعرف البحث الاجتماعي بوصفه وسيلة لغاية ما، بمعنى أنه يستهدف حل مشكلة
عملية أو منهجية، كما يستهدف كشف العلاقات بين البيانات المتراكمة، أو
التحقق من صدقها بواسطة المنهج العلمي. بمعنى التطبيق المنطقي والمنسق لأسس العلم على التساؤلات العامة والشاملة للدراسة، واستخدام الطرق العلمية التي تمدنا بالأدوات العلمية والإجراءات الخاصة والوسائل الفنية، التي تستهدف
توفير البيانات وترتيبها قبل معالجتها منطقياً وإحصائياً.
3. تعريف البحث الاجتماعي بوصفه سلوكاً
يحدد البعض الآخر البحث الاجتماعي بوصفه سلوكاً مناسباً، يتمسك بقيم معينة في
علاقات الباحث بإخبارييه، وبمن يمدونه بالبيانات.
ويحتاج الباحث، بالإضافة إلى تدريبه على فنون العلم والبحث وخبرته بها، إلى أن يكون متميزاً بالحساسية للعلاقات الإنسانية.
على الرغم من تعدد وتنوع تعريفات البحث الاجتماعي، إلا أنها تشترك في بعض
العناصر التالية:
• أن البحث الاجتماعي محاولة علمية منظمة، تتبع أسلوباً أو منهجاً علمياً
محدداً، يسعى للوصول إلى حقائق معينة.
• أن البحث الاجتماعي يعني التنقيب عن الحقائق الجديدة للوصول إلى إضافة
جديدة إلى معارفنا، وبالتالي زيادة دائرة المعارف والحقائق التي يعرفها
الإنسان.
• أن البحث الاجتماعي يسعى للوصول إلى حل لمشكلة محددة في جميع ميادين
الحياة.
• أن البحث الاجتماعي يختبر المعلومات والعلاقات التي يتوصل إليها،
بفحصها وتأكيدها تجريبياً.
• أن البحث الاجتماعي يسعى إلى تفسير الظواهر الاجتماعية، وتوضيح المشكوك فيها، وتصحيح الحقائق المتعلقة بالحياة الاجتماعية التي أُسيئت معرفتها أو فهمها.
وعلى هذا فالبحث الاجتماعي يعني بشكل أكثر تحديداً، طريقة في التفكير،
وأسلوب للنظر إلى الوقائع، بحيث يًصبح معنى المعطيات التي تم جمعها واضحاً في ذهن الباحث.
كما أنه أسلوب يحل به المتخصصون المشكلات الصعبة، ويحقق فهم
السلوك الإنساني والحياة الاجتماعية، حتى تزيد قدرتنا على التحكم فيها.
مشكلات البحوث الاجتماعية
والدراسات العلمية في هذا المجال العلمي، خاصة تلك التي ترتبط بخصوصية الظواهر والمواضيع التي تتناولها هذه العلوم، وبموقع الباحث منها.
ويمكن تلخيص طبيعة هذه الظواهر فى النقاط التالية:
1-الظواهر الاجتماعية تتسم بنوع من التفرد والخصوصية:
بحيث يحد ذلك من تعميم نتائج الأبحاث التي تجرى على قطاع بعينه، إضافة إلى تأثر ذلك (حدود تعميم النتائج) بعملية التحقق من صحة التحقيقات، زد إلى ذلك تعذر اعتماد نفس المقاربات التي برهنت على نجاعتها النظرية والمنهجية وكأداة للتفسير في بيئات بعينها.
2-تداخل الظواهرالإنسانية والاجتماعية :
وهذا التداخل يجعل من الصعب تمييز تداخلاتها ودرجة تأثير الواحدة بالأخرى،
ولعل ذلك التعقيد هو الذي يبرر اللجوء المفرط للتجريد عند الرواد الأول لعلم الاجتماع.
3-أضف إلى ذلك أن المواضيع التي تتناولها قريبة من اهتمامات ومصالح
وعقيدة وتفكير الإنسان مما يؤثر على ذاتية الباحث، ويحد من التزامه بالموضوعية والحياد، خاصة عندما يتعارض ذلك مع كثير من اعتباراته الشخصية.
وتتحقق الموضوعية من خلال التناول العلمي للواقع من دون إخفاء ولو لجزء منه، مع محاولة استعباد للمؤثرات الدوافع الذاتية والخلفيات المذهبية ، خاصة عند القيام بتفسير النتائج التي تم التوصل إليها.
وقد أكد رواد علم الاجتماع على أهمية الالتزام بالموضوعية، خاصة منهم دوركايم الداعي إلى ضرورة التعامل مع الظاهرة الاجتماعية من الخارج، على أنها أشياء، أي يتم التعامل على أنها مستقلة عن الباحث وعن شعور الأفراد.
وصعوبة تطبيق بعض التقنيات مثل ملاحظة بعض الظواهر الإنسانية أو إجراء
المقابلات مع بعض المبحوثين أو في مواضيع معينة.
ويشير محمد أحمدالزعبي إذا كانت إشكالات وصعوبات البحث العلمي في مجال
العلوم الاجتماعية، تواجه كل الباحثين في كل البلدان، إلا أنها في البلدان النامية تكتسي طابعا حادا، يجد تبريره وتفسيره في:
- العراقيل الثقافية المتعلقة بجهل المبحوثين عامة والريفيين والأميين منهم
خاصة بمعاني المفاهيم والمقولات والمصطلحات السوسيولوجية، المتعلقة بالبحث.
- معالجة الباحثين للظواهر الاجتماعية في البلدان النامية بنفس الطرق
والأدوات والمناهج المستخدمة في البلدان المتطورة والتي غالبا ما يكونون قد تلقواتعليمهم وتأهيلهم فيها.
- وجود هوّة ثقافية بين الباحث والمبحوث ولاسيما في المناطق الريفية.
- بعض الأعراف والتقاليد المحافظة التي تواجه كلا من الباحث والمبحوث،
والتي تحول دون حرية الباحث في اختيار موضوعى البحث، وفي مقابلة المبحوثين، وفي توجيه الأسئلة، وفي إعلان نتائج البحث وذلك في ظل بعض
المحرمات المتمثلة خاصة بمثلث: الدين والجنس والفئة الحاكمة (السلطة).
إن طرحنا لهذه الصعوبات والإشكالات المتعلقة بعملية البحث العلمي في البلدان النامية، ومنها وطننا العربي يجب ألا يعني أننا نشكك بقيمة أو فائدة هذا البحث، وإنما أردنا فقط أن نشير إلى مدى التحدي الذي يواجه الباحثين في البلدان النامية، والذي ينبغي أن يخلق لديهم استجابة خلاقة تتناسب ومقدار هذا التحدي.
حيث إن العلوم الاجتماعية والإنسانية على اختلاف أنواعها وتعدد فروعها
مثلها مثل العلوم الطبيعية ، فليست الطريقة العلمية أو المنهج العلمي في البحث وقفا على العلوم الطبيعية والتطبيقية كما يظن البعض ، وإنما يمكن تطبيقها
في العلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة ، ولكن الاختلاف في دقة النتائج
يعود إلى طبيعة المشكلات التي تواجه البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية
والتي منها :
أولا:تعقد المشكلات الاجتماعية الإنسانية لأنها تتأثر
بالسلوك الإنساني المعقد .
ثانيا:صعوبة الظبط التجريبي وعزل المتغيرات المتداخلة للظاهرة الاجتماعية
والإنسانية.
ثالثا:تأثر الوضع التجريبي بالمراقبة والملاحظة التي يقوم
بها البحث مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى
تغيير في السلوك لدى الأفراد والمجتمعات موضوع الدراسة والبحث ، وصعوبة
الملاحظة أحيانا .
رابعا تغير الظواهر الاجتماعية والإنسانية بشكل سريع نسبيا ، فالثبات نسبي ، وهذا يقلل من فرصة تكرار التجربة في ظروف مماثلة تماما .
خامسا: الطبيعة المجردة لبعض المفاهيم الاجتماعية والإنسانية وعدم الإتفاق على تعريفات محددة لها ، وخضوع بعض المشكلات الاجتماعية والإنسانية لمعايير
أخلاقية .
سادسا:صعوبة القياس بشكل دقيق للظواهر الاجتماعية والإنسانية
لعدم وجود أدوات قياس دقيقة لها أحيانا
أزمة البحث العلمى فى المجالات الاجتماعية
يجدر بنا الاشارة إلى ان أزمة النظرية فى العلوم الانسانية تمثل المدخل المباشر والطبيعى الذى من خلاله يمكن إلقاء الضوء على ما يعترى البحث فى الانسانيات من أزمات، وما يقابله من مشكلات تعوق تحقيقه لأهداف وبعامة، يمكن التأكيد على أن أهم مصادر أزمة النظرية وتكوين النظرية ترتبط بالتوجه النظرى والبعد عن ادراك الواقع التربوى أو الاجتماعى أو النفسى ادراكا والمبالغة فى تجزأة ذلك الواقع والتحيز لواقع ما مفروض بجانب زيف الوعى بمجال العلم وموضوعه ونظريته ومنهجه وهى جميعا نتاج لواقع انسانى مرتبط بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والتربوية.
وتتمثل ملامح هذه الأزمة فى النقاط التالية
1- الملامح الاساسية للأزمة فى محيط العلوم الانسانية ما يرتبط بمعوقات تطبيق المنهج العلمى فى دراسة هذه العلوم: حيث ما زالت تعانى هذه العلوم من الانفصام بين البحث والنظرية، مما ينعكس فى وجود نظريات تربوية أو اجتماعية أو نفسية عامة متعددة ومتضاربة على عكس الحال فى العلوم الفيزيقية والبيولوجية.
2- تعانى العلوم الانسانية من انفصام بين البحث التجريبى من جهة والنظرية
من جهة أخرى، على عكس الموقف فى العلوم الطبيعية الأخرى: فهناك بين التربويين أو علماء الاجتماع أو من يعملون فى مجال علم النفس من إقتصر
عملهم على مجرد جمع وقائع جزئية عن بعض مشكلات هذه الميادين ومظاهرها، دون أن يؤدى ذلك إلى صياغة نظرية تتسم بالعمومية، وبعامة، فإن عدم الاسترشاد عند جمع الوقائع بنظرية عامة، يجعل هذه البحوث عديمة القيمة، أو قليلة القيمة على أحسن تقدير بالنسبة لتطور المعرفة العلمية فى مجالات العلوم الإنسانية.
وهناك فريق آخر من العلماء فى مجال العلوم الإنسانية قد يقومون بصياغة نظريات عامة إلا أن هذه النظريات عامة، إلا أن هذه النظريات تتصف بالصيغة التأملية أو المكتبية دون أن تعتمد هذه النظريات على وقائع تمت ملاحظتها والتأكد من صحتها، ودون اختبار لما تتضمنه هذه النظريات من تعميمات واستنتاجات، ويمكن أن نطلق على الفريق الأول أصحاب التجريبية المتجزئة.
وعلى الفريق الثانى أصحاب اتجاه النظريات المتضخمة ويتسم كل من الاتجاهين السابقين بالعقم، إذ أن كل منهما يؤدى إلى عرقلة نمو العلوم الإنسانية ويعوق الوصول إلى الفهم العلمى السليم للمشكلات الموجودة فى مجالات العلوم الإنسانية.
المـــراجـــع
1-بكر، بكر بن عبد الله ، البحث العلمي وعوائده الاقتصادية ، رسالة الخليج
العربي ، ع 59 س 17 ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، الرياض ، 1417 هـ - 1996م .
2- حارب ، سعيد ،البحث العلمي وتحديات العصر ، الندوة الثانية ، موقع جريدة
البيان بشبكة الأنترنت ، دبي، 1999م . 1990
3-حسن شحاته: البحوث العلمية والتربوية بين النظرية والتطبيق، مكتبةالدارالعربية للكتاب،ط1، 2001.
4-الصباب ، أحمد عبد الله ، أساليب ومناهج البحث العلمي في العلوم
الاجتماعية ، دار البلاد للطباعة والنشر ، جده ، ط 2 ، 1413هـ -1992 م.
5-العيسوي ،جمال مصطفى وآخر ، البحث العلمي في كليات المعلمين بالمملكة
العربية السعودية ،مركز البحوث التربوية بجامعة الملك سعود الرياض ،1419هـ -1998م.
6-كومبز، أزمة التعليم في عالمنا المعاصر ، ترجمة أحمد خيري كاظم وآخر ،
دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1968م .
7-مرسي، محمد منير ، البحث التربوي وكيف نفهمه ، دار عالم الكتب للنشر
والتوزيع ، الرياض ،1407هـ- 1987م .
8- النجار , عبد الله ، البحث العلمي وتحديات العصر ، الندوة الثانية ،
موقع جريدة البيان بشبكة الأنترنت ، دبي، 1999م .