البصر والبصيره...
البصر هو الؤيه بالعين لكل شيء تقع عليه عيناك , فمدار البصر العين فإذا تعطل عملها لسبب ما توقفت الحاسه.
أما البصيره فهي نور في القلب يبصر به العبد ما لا تبصره العين وإن عميت أو تعطلت عن العمل , ولا علاقه للبصيره بالبصر , فمدار عمل البصيره هو القلب.
فالبصيره نور يقذفه الله في القلب فيرى حقيقة الأشياء , ويدرك بها ما أخبرت به الرسل كأنه يشاهده رأى العين.
يقول بعض العارفين : البصيره تحقق الإنتفاع بالشيء وعدم التضرر به , والبصيره ايضا" ما خلصك من الحيره , إما بإيمان وإما بعيان.
ولا تكتمل البصيره إلا بإكتمال درجاتها في الأسماء والصفات والأمر والنهي والوعد والوعيد.
وتتفاوت درجات البصيره عند الناس بحسب معرفتهم وتعلمهم لأمور الدين الحق , والعلم بفساد الشبهات المخالفه للحقائق.
ويظهر ذلك بعدم تأثر إيمان العبد بشبهه تعارض ما وصف الله به نفسه من الأسماء والصفات , وأن يشهد قلبك الرب تبارك وتعالى مستويا" على عرشه بما يليق به من غير تشبيه.
وأما من عميت بصيرتهم فهم من أهل الكلام الباطل الذي يدل على الجهل المطبق بأمور الدين , وتكمن الشبه الباطل من قلوبهم.
وهناك البصيره الفطريه التي تجدها عند عامة الناس البسطاء , فهم أفضل حالا" من أهل الكلام الباطل إذا ابتعدت فطرتهم عن البدع والانحرافات الدينيه.
ومن درجات البصيره تلقي الاوامر والنواهي الالهيه دون اعتراض أو تأويل لاخراج الامر والنهي عن حقيقته كما فعلت اليهود وغيرهم.
ومن البصيره انك ترى ما توعد به من جنات النعيم في الاخره حقيقه كما ترى الاشياء بعينك وكذلك يقشعر بدنك بالوعيد الالهي من العذاب والنار لمن عصى وتكبر من العباد.
فالبصيره تشهد قيام الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر في دار العمل ودار الجزاء والبقاء وذلك من كمال عدله وحكمته.
وعلى حسب قوة البصيره تكون الفراسه سواء فراسه ايمانيه او فراسه مكتسبه.
فالفراسه الايمانيه العلويه مختصه بأهل الايمان وهي فراسة الصادقين العارفين بالله الذين تعلقت همتهم بمحبة الله وطاعته ودعوة الناس إليه.
قال تعالى : (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
قال ابن كثير رحمه الله : أي ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيره وإن كانت القوه الباصره سليمه فإنها لا تنفذ إلى العبد ولا تتدرى ماالخبر