تعد الكربوهيدرات والدهون في الأطعمة من المصادر الرئيسية للطاقة الضرورية للجسم، وعندما يزيد تناول أحدهما يكون على حساب الآخر. وفي الولايات المتحدة الأميركية بلغ متوسط المتناول اليومي من الدهون مستوى يزيد على التوصيات الصحية. لتقليل المتناول من الدهون، ولتحسين التوازن بين مصدري الطاقة، لا بد من استبدال الأطعمة الدهنية بالخضراوات والفواكه والحبوب والبقول.
والمعروف أن هذه الأطعمة تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات المركبة. حول الكربوهيدرات وأهميتها للجسم يقول الدكتور طه بن عبدالله قمصاني أستاذ الكيمياء الحيوية كلية العلوم - جامعة الملك عبدالعزيز: على الرغم من التوصيات بزيادة الكربوهيدرات المركبة لما لها من تأثيرات صحية فإن كثيراً من الناس يعتقدون أن الكربوهيدرات هي الجزء الذي يسبب السمنة في الأطعمة. وفي الحقيقة فإن كل جرام من الكربوهيدرات يعطي من السعرات الحرارية أقل من نصف ما يعطي جرام من الدهون، وبالتالي فإن الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات تعطي سعرات حرارية أقل من الأطعمة الغنية بالدهون.
أولاً: السكريات في السبعينات كان الاعتقاد بأن السكريات البسيطة (وخصوصاً السكروز) تحدث: السمنة، وأمراض القلب، وداء السكري، والإفراط في النشاط والسلوك العدواني للأطفال، وتسوس الأسنان. ولكن حديثاً أوضحت جهات علمية منها إدارة الغذاء والدواء الأميركية وكذلك الأكاديمية القومية للعلوم بأميركا بعدم وجود أدلة علمية تثبت وجود علاقة بين الكميات المتناولة حالياً من السكر وهذه الأمراض ما عدا تسوس الأسنان.
السكر والأمراض
1- السكر والسمنة:
يمكن تعريف السمنة بأنها تراكم السعرات الحرارية الزائدة عن احتياج الإنسان وخزنها على هيئة دهون حيث تترسب في أماكن مختلفة تحت الجلد، مثل البطن والأرداف والإليتين والمنكبين والذراعين، مما يؤدي إلى زيادة عن الوزن الطبيعي. وهنا لا بد أن نفرق بين السمنة وزيادة الوزن، فزيادة وزن الفرد عن الوزن المثالي، قد يكون زيادة في العضلات كما يلاحظ في الرياضيين في حالة بناء الأجسام، ولكن في حالة السمنة تكون الزيادة في نسبة الدهون في الجسم.
ويمكن قياس السمنة في معظم الأحيان بطريقة تقريبية تعرف بمؤشر كتلة الجسم، حيث يقسم وزن الفرد بالكيلو جرام على مربع طوله بالأمتار. وبناءً على التوصيات الحديثة من منظمة الصحة العالمية إذا كانت النتيجة أقل من 18 ,5، فهذا يعني أن الفرد نحيف، وإذا كانت بين 18 ,5 إلى 24 ,9 كان الوزن مقبولاً، وإذا تراوحت النتيجة بين 25 و29 ,9 ، فهذا يشير إلى زيادة في الوزن. أما إذا زادت النسبة عن 30، فهذا يدل على السمنة. وقد تختلف هذه النسب اختلافاً بسيطاً مع اختلاف العمر والجنس.
ويمكن حساب مؤشر كتلة الجسم لفرد وزنه 70 كيلوغراما وطوله 150 سنتيمترا مثلاً كالتالي:
إن وجود علاقة بين تناول السكر وحدوث السمنة يرجع إلى بعض الدراسات التي تظهر زيادة نسبة حدوث السمنة مع زيادة تناول السكر، ولكن الحقيقة ان زيادة في تناول السكر عادة ما يصاحبها زيادة تناول الدهون والطاقة الكلية، ويلازم ذلك الإقلال من النشاط الحركي، وفي المقابل فقد ظهرت السمنة في حالات تناول كمية قليلة من السكر، وفي بعض الحالات نجد أن الذين يعانون من السمنة يتناولون كمية أقل من السكر من الأفراد النحاف. فالدهون تحتوي على كثافة حرارية أعلى من السكر، ويمكنها بسهولة إحداث السمنة.
2ـ السكر وأمراض القلب
إن معظم أمراض القلب والأوعية الدموية تشمل تصلب الشرايين التاجية، نتيجة زيادة سمك الطبقات الداخلية لجدار الشرايين. وعندما تتزايد الكميات المتراكمة من المواد الدهنية على الجدار الداخلي للشريان فإنها تؤدي إلى حرمان جزئ (نقص التروية) من تدفق الدم الذي يحمل الغذاء والأ**جين إلى المنطقة المصابة من العضو الذي يغذيه.
ومثالاً على ما سبق يؤدي انسداد أحد الشرايين التاجية إلى انقطاع أو نقص إمداد الدم لجزء من عضلة القلب الذي يغذيه هذا الشريان، مما قد يؤدي إلى الذبحة الصدرية أو إلى السكتة القلبية بينما قد يؤدي انسداد أحد الشرايين بالمخ إلى السكتة الدماغية. وترجع أمراض القلب والأوعية الدموية إلى تناول الدهون وليس السكر.
ومع ذلك توجد بعض الحالات التي تعاني من حساسية للكربوهيدرات تشمل السكر، ويلاحظ على المرضى ارتفاع غير طبيعي للأنسولين نتيجة تناول الكربوهيدرات. فعندما يتناول هؤلاء الأفراد السكر يحدث ارتفاع في مستوى دهون الدم.وهناك عوامل مهمة غير غذائية لها علاقة بأسباب أمراض القلب والأوعية الدموية تشمل الوراثة والتدخين والضغوط النفسية والسمنة. أما الأسباب التي لها علاقة بالتغذية، فتشمل بعض الأطعمة عالية الدهون المشبعة والكوليسترول قليل الكثافة ونسبة الدهون الكلية .
3ـ السكر وداء السكري
علاقة السكر بداء السكري متعارضة. ففي أجزاء من العالم نلاحظ زيادة نسبة مرضى داء السكري النوع الثاني مع زيادة تناول السكر. وفي أجزاء أخرى لا توجد علاقة بين المتناول من السكر وداء السكري. والحقيقة أن داء السكري (النوع الثاني) يرجع إلى السمنة أكثر منه إلى نوعية الطعام. فغالبية مرضى النوع الثاني يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، وإنقاص الوزن يعالج أو يحسن الحالة. وبالتالي فإن السبب الرئيسي لداء السكري هو السمنة وليس تناول السكر.
4ـ السكر وتسوس الأسنان
يعد تسوس الأسنان أحد أكثر الأمراض انتشاراً في العالم وخصوصاً بين الأطفال، إلا أن تطبيق المفاهيم العلمية الحديثة في العناية بالأسنان أدت إلى انخفاض هذه الظاهرة حالياً وخصوصاً في الدول المتقدمة.
ويحدث تسوس الأسنان نتيجة أربعة عوامل أساسية هي:
أ ـ استعداد أو قابلية الأسنان للتسوس (غالباً ما تكون وراثية).
ب ـ وجود كربوهيدرات قابلة للتخمر في الفم.
ج ـ وجود الجراثيم التي تخمر الكربوهيدرات.
د ـ نقص في تركيز الفلور في ماء الشرب.
ويتفق العلماء على أن أي طعام يحتوي على الكربوهيدرات القابلة للتخمر سواء كانت من السكر أو النشا المطبوخ أو الفواكه السكرية، يمكن أن تستخدمه البكتيريا الموجودة في الفم لتفرز الأحماض، وبالنسبة للنشاء المطبوخ في الأطعمة مثل الأرز، والمعجنات، والبطاطس والبسكويت والخبز فجزء منه يتحلل في الفم إلى سكريات بسيطة بفعل إنزيمات اللعاب.
وتدعم السكريات النمو البكتيري في الفم إذا تركت وقتاً كافياً لتعمل عليه، لذلك فإنه من العوامل الهامة لذلك هو الفترة الزمنية لبقاء الطعام في الفم، وهذا يعتمد على مكونات الطعام وعلى مدى التصاقه بالأسنان، وعدد مرات الأكل، وعلى مدى تنظيف الأسنان بعد الأكل.
ونتيجة لتكون الحمض الناتج من تخمر السكريات تتكون طبقة رقيقة غير مرئية تعرف بالصفيحة تترسب على الأسنان، وتعمل كبيئة مناسبة لنمو البكتريا إن تركت فترة من الزمن فتؤدي إلى التسوس وقد يستمر الحمض في تأثيره حتى يصل إلى عظام الفك السفلي الذي يحتضن السن فيؤدي إلى سقوطها والتهاب اللثة.
ويعد تسوس الأسنان من أهم المشكلات المرتبطة بالتغذية والمنتشرة عند الأطفال في الدول العربية، والتي تؤثر على صحة الطفل. والتغذية السليمة لها دور مهم في نمو وتطور وسلامة الأسنان والأنسجة المحيطة بها. ففيتامين (أ) ضروري لتكوين طبقة المينا، وفيتامين (ج) مهم في تكوين طبقة العاج، وعنصرا الكالسيوم والفوسفور وكذلك فيتامين (د) مهمان لعملية التكلس، بالإضافة إلى ضرورة توفر الفلور أثناء عملية تكلس الأسنان.
إن قلة الاهتمام بنظافة الفم واللثة تلعب دوراً مهماً في انتشار تسوس الأسنان عند الأطفال. لذا يجب إرشاد الأطفال لغسل فمهم وتنظيف أسنانهم بالفرشاة مباشرة بعد الأكل، خاصة بعد تناول المشروبات الغازية والحلويات وذلك من أجل منع التخمر في الفم.
كما أن تناول أطعمة غنية بالكالسيوم والفوسفور بالإضافة إلى تناول الأطعمة الصلبة الغنية بالألياف تساعد على غسيل الأسنان بواسطة إفرازات الغدة اللعابية. هذا وقد دلت الأبحاث على أن بعض الأطعمة ـ مثل الجبن والفول السوداني واللبان الخالي من السكر - يمكن أن تساعد على التقليل من كمية الحمض على الأسنان. وينبغي التأكيد على أهمية تنظيف الأسنان قبل النوم، كما أن الزيارة المنتظمة إلى طبيب الأسنان تساهم في تحسين صحة الأسنان.
وتوضح الطبيعة الديناميكة للأسنان أهمية الفلور للمحافظة على الأسنان أثناء مرحلة الطفولة والنمو. ويوفر وجود الفلور في الماء (ماء الشرب) بنسبة جزء في المليون الحماية ضد تسوس الأسنان عند الأطفال. ففي الولايات المتحدة الأميركية مثلاً انخفضت نسبة حدوث تسوس الأسنان %30 خلال العشرين عاماً الماضية نتيجة إضافة الفلور إلى ماء الشرب، في حين أن نسبة استهلاك السكريات البسيطة لم تتغير.
